عمدة القاري - العيني - ج ١٤ - الصفحة ١٠٧
ذكر معناه: قوله: (إن أم الربيع بنت البراء)، كذا وقع لجميع رواة البخاري، وهذا وهم نبه عليه غير واحد آخرهم الحافظ الدمياطي، والصواب أنها أم حارثة بن سراقة بن الحارث بن عدي بن مالك بن عدي بن عامر بن غنم بن عدي ابن النجار، والربيع بنت النضر أخت أنس بن النضر بن ضمضم بن زيد بن حرام بن جندب بن عامر بن غنم بن عدي وهي عمة أنس بن مالك بن النضر بن ضمضم، وهي التي كسرت ثنية امرأة، وقد مر بيانه. قوله: (وهي أم حارثة بن سراقة)، وهذا هو المعتمد عليه. وقد روى الترمذي وابن خزيمة عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة فقال أنس: إن الربيع بنت النضر أتت النبي، صلى الله عليه وسلم، وكان ابنها حارثة بن سراقة أصيب يوم بدر... الحديث، وقال ابن الأثير في (جامع الأصول): الذي وقع في كتب النسب والمغازي وأسماء الصحابة: أن أم حارثة هي الربيع بنت النضر، عمة أنس، رضي الله تعالى عنه. قلت: وكذا بينه الإسماعيلي في (مستخرجه) وأبو نعيم وغيرهما، وحارثة هو الذي قال له رسول الله، صلى الله عليه وسلم: كيف أصبحت يا حارثة؟ قال: أصبحت مؤمنا بالله حقا... الحديث، وفيه: يا رسول الله أدع لي بالشهادة. فجاء يوم بدر ليشرب من الحوض فرماه حبان، بكسر الحاء المهملة وتشديد الباء الموحدة: ابن عرقة، بفتح العين المهملة وكسر الراء لابعدها قاف، بسهم فأصاب حنجرته فقتله. وقال أبو موسى المديني: وكان خرج نظارا وهو غلام، وقول ابن منده: شهد بدرا واستشهد بأحد، رد عليه. وقد تصدى الكرماني للجواب عن قول من قال بالوهم، فقال:؛ لا وهم للبخاري، إذ ليس في رواية النسفي إلا هكذا، قال أنس: إن أم حارثة ابن سراقة أتت النبي صلى الله عليه وسلم وهو ظاهر، وكأنه كان في رواية الفربري حاشية غير صحيحة لبعض الرواة، فألحقت بالمتن، ثم إنه على تقدير وجوده وصحته عن البخاري يحتمل احتمالات أن يكون للربيع ولد يسمى بالربيع بالتخفيف من زوج آخر غير سراقة اسمه: البراء، وأن تكون بنت البراء خبرا، لأن، وضمير: هي، راجع إلى الربيع، وأن تكون: بنت، صفة لأم الربيع، وهي المخاطبة لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، فاطلق الأم على الجدة تجوزا، وإن تكون إضافة الأم إلى الربيع للبيان أي: الأم التي هي الربيع، وبنت مصحف من عمه، إذ الربيع هي عمة البراء بن مالك وارتكاب بعض هذه التكلفات أولى من تخطئة العدول الثقات. انتهى. قلت: هذه تعسفات، والأنساب ما تعرف بالاحتمالات، والعدول الثقات غير معصومين من الخطأ، ودعوى الأولوية غير صحيحة. قوله: (اجتهدت عليه في البكاء)، قال الخطابي: أقرها النبي، صلى الله عليه وسلم على هذا، يعني: يؤخذ منه الجواز. وأجيب بأن هذا كان قبل تحريم النوح، فلا دلالة، فإن تحريمه كان عقيب غزوة أحد، وهذه القصة كانت عقيب غزوة بدر، ووقع في رواية سعيد بن أبي عروبة: (اجتهدت في الدعاء)، بدل قوله: (في البكاء) وهو خطأ. وفي رواية حميد الآتية في صفة الجنة من الرقاق: فإن كان في الجنة فلم أبك عليه. قوله: (إنها جنان في الجنة)، كذا هنا، وفي رواية سعيد بن أبي عروبة: (إنها جنان في جنة) وفي رواية أبان عند أحمد: (إنها جنان كثيرة في جنة)، وفي رواية حميد: (إنها جنان كثيرة) فقط والضمير في: إنها، ضمير مبهم يفسره ما بعده كقولهم: هي العرب تقول ما تشاء، ولما قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم لأمه ما قال، رجعت وهي تضحك، وتقول: بخ، بخ لك يا حارثة، وهو أول من قتل من الأنصار يوم بدر، وعن أبي نعيم كان كثير البر بأمه. قال صلى الله عليه وسلم: دخلت الجنة فرأيت حارثة لذلك البر، قيل: فيه نظر، لأن المقتول فيه هذا هو حارثة بن النعمان كما بينه أحمد في مسنده. قوله: (الفردوس)، هو البستان الذي يجمع ما في البساتين من شجر وزهر ونبات، وقيل: هو رومية معربة، والجنة البستان، ويقال: هي النخل الطوال. وقال الأزهري: كل شجر متكاثف يستر بعضه بعضا فهو جنة، مشتق من: جننته، إذا سترته.
51 ((باب من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا)) أي: هذا باب في بيان فضل من قاتل... إلى آخره.
0182 حدثنا سليمان بن حرب قال حدثنا شعبة عن عمر و عن أبي وائل عن أبي موسى رضي الله تعالى عنه قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال الرجل يقاتل للمغنم والرجل يقاتل
(١٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 ... » »»