عمدة القاري - العيني - ج ١٢ - الصفحة ٩٨
الحاء المهملتين، وحكى ضم الحاء وهو شاذ، وقد فسره بالرشوة في الحكم، وهو بتثليث الراء، وقيل بفتح الراء المصدر، وبالكسر الاسم. وقيل: السحت ما يلزم العار بأكله، وقال ابن الأثير: الرشوة الوصلة إلى الحاجة بالمصانعة وأصله من الرشاء الذي يتوصل به إلى الماء. وقال: السحت الحرام الذي لا يحل كسبه لأنه يسحت البركة أي يذهبها، واشتقاقه من السحت بالفتح، وهو الإهلاك والاستئصال. قوله: (وكانوا يعطون) أي: الأجرة، على الخرص، بفتح الخاء المعجمة وسكون الراء وبالصاد المهملة، وهو الحرز وزنا ومعنى. ومضى الكلام فيه في البيوع.
ثم اعمل أن قول ابن سيرين: في أجرة القسام، مختلف فيه، فروى عبد بن حميد في (تفسيره): من طريق يحيى بن عتيق عن محمد وهو ابن سيرين: أنه كان يكره أجور القسام، ويقول: كان يقال: السحت الرشوة على الحكم، وأرى هذا حكما يؤخذ عليه الأجر، وروى ابن أبي شيبة من طريق قتادة، قال: قتل لابن المسيب: ما ترى في كسب القسام؟ فكرهه، وكان الحسن يكره كسبه، وقال ابن سيرين: إن لم يكن حسنا فلا أدري ما هو، وجاءت عنه رواية جمع بها ما بين هذا الاختلاف، قال ابن سعد: حدثنا عارم حدثنا حماد عن يحيى عن محمد هو ابن سيرين، أنه كان يكره أن يشارط القسام، فكأنه كان يكره له أخذ الأجرة على سبيل المشارطة ولا يكرهها إذا كانت بغير اشتراط. وأما قول ابن سيرين: السحت الرشوة في الحكم، فأخذه مما جاء عن عمر وعلي وابن مسعود وزيد بن ثابت، رضي الله تعالى عنهم، من قولهم في تفسير السحت: إنه الرشوة في الحكم، أخرجه الطبري بأسانيده عنهم، ورواه من وجه آخر مرفوعا برجال ثقات، ولكنه مرسل ولفظه: كل جسم أنبته السحت فالنار أولى به. قيل: يا رسول الله! وأما السحت قال: (الرشوة في الحكم).
16 - (حدثنا أبو النعمان قال حدثنا أبو عوانة عن أبي بشر عن أبي المتوكل عن أبي سعيد رضي الله عنه قال انطلق نفر من أصحاب النبي في سفرة سافروها حتى نزلوا على حي من أحياء العرب فاستضافوهم فأبوا أن يضيفوهم فلدغ سيد ذلك الحي فسعوا له بكل شيء لا ينفعه شيء فقال بعضهم لو أتيتم هؤلاء الرهط الذين نزلوا لعله أن يكون عند بعضهم شيء فأتوهم فقالوا يا أيها الرهط إن سيدنا لدغ وسعينا له بكل شيء لا ينفعه فهل عند أحد منكم من شيء فقال بعضهم نعم والله إني لأرقي ولكن والله لقد استضفناكم فلم تضيفونا فما أنا براق لكم حتى تجعلوا لنا جعلا فصالحوهم على قطيع من الغنم فانطلق يتفل عليه ويقرأ الحمد لله رب العالمين فكأنما نشط من عقال فانطلق يمشي وما به قلبة قال فأوفوهم جعلهم الذي صالحوهم عليه فقال بعضهم اقسموا فقال الذي رقى لا تفعلوا حتى نأتي النبي فنذكر له الذي كان فننظر ما يأمرنا فقدموا على رسول الله فذكروا له فقال وما يدريك أنها رقية ثم قال قد أصبتم اقسموا واضربوا لي معكم سهما فضحك رسول الله ) مطابقته للترجمة في قوله فانطلق يتفل عليه ويقرأ الحمد لله رب العالمين وهو الرقية بفاتحة الكتاب.
(ذكر رجاله) وهم خمسة * الأول أبو النعمان محمد بن الفضل السدوسي * الثاني أبو عوانة بفتح العين الوضاح بن عبد الله اليشكري * الثالث أبو بشر بكسر الباء الموحدة وسكون الشين المعجمة هو جعفر بن أبي وحشية وهو مشهور بكنيته أكثر من اسمه واسم أبيه أبو وحشية إياس * الرابع أبو المتوكل واسمه علي بن داود بضم الدال المهملة وتخفيف الواو وقيل داود الناجي بالنون والجيم السامي بالسين المهملة مات سنة اثنتين ومائة الخامس أبو سعيد الخدري واسمه سعد بن مالك مشهور باسمه وكنيته *
(٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 ... » »»