عمدة القاري - العيني - ج ١٢ - الصفحة ٩٢
من النأي، بفتح النون وسكون الهمزة: البعد، يقال: نأى بي طلب شيء، أي: بعد. قوله: (فلم أرح)، بضم الهمزة وكسر الراء أي: لم أرجع على أبوي حتى أخذهما النوم. قوله: (والقدح) الواو فيه للحال. قوله: (حتى برق الفجر) أي: ظهر الضياء. قوله: (فأردتها عن نفسها)، كناية عن طلب الجماع. قوله: (حتى ألمت بها) أي: حتى نزلت بها سنة من سني القحط فأحوجتها. قوله: (عشرين ومائة)، أي: عشرين دينارا ومائة، ووقع هناك مائة، والتخصيص بالعدد لا ينافي الزيادة، والمائة كانت بالتماسها والعشرون تبرع منه كرامة لها. قوله: (لا أحل لك)، بضم الهمزة من الإحلال. قوله: (أن تفض الخاتم) كناية عن الوطء، يقال: فض الخاتم والختم إذا كسره وفتحه. قوله: (فتحرجت)، يقال: تحرج فلان إذا فعل فعلا يخرج به من الحرج، وهو الإثم والضيق. قوله: (وتركت الذهب الذي أعطيتها) وفي رواية أبي ذر: (التي أعطيتها)، والذهب يذكر ويؤنث. قوله: (فأفرج عنا)، بوصل الهمزة وضم الراء، فإذا قطع الهمزة وكسر الراء. فالأول أمر من الفرج. والثاني: من الإفراج. قوله: (أجراء) جمع أجير. قوله: (فثمرت) أي: كثرت من التثمير. قوله: (كل ما ترى) مبتدأ وخبره. قوله: (من أجرك)، أي: من أجرتك. قوله: (من الإبل..) إلى آخره، بيان لما ترى، وهنا زاد الإبل والبقر، وهناك بقرا وراعيها، ولا منافاة بينهما، وقد ذكرنا بعض الخلاف فيمن اتجر في مال غيره، فقال قوم: له الربح إذا أدى رأس المال إلى صاحبه سواء كان غاصبا للمال أو وديعة عنده متعديا فيه، وهو قول عطاء ومالك وربيعة والليث والأوزاعي وأبي يوسف، واستحب مالك والثوري والأوزاعي تنزهه، ويتصدق به، وقال آخرون يرد المال ويتصدق بالربح كله. ولا يطيب له شيء من ذلك، وهو قول أبي حنيفة ومحمد بن الحسن وزفر، وقال قوم: الربح لرب المال، وهو ضامن لما تعدى فيه، وهو قول ابن عمر وأبي قلابة، وبه قال أحمد وإسحاق. وقال الشافعي: إن اشترى السلعة بالمال بعينه فالربح ورأس المال لرب المال، وإن اشتراها بمال بغير عينه قبل أن يستوجبها بثمن معروف بالعين، ثم نقد المال منه أو الوديعة، فالربح له وهو ضامن لما استهلك من مال غيره، والله أعلم بالصواب.
31 ((باب من آجر نفسه ليحمل علي ظهره ثم تصدق به وأجرة الحمال)) أي: هذا باب في بيان حكم من أجر نفسه لغيره ليحمل متاعه على ظهره، ثم تصدق به أي: بأجره، وفي رواية الكشميهني: ثم تصدق منه. قوله: (وأجرة الحمال) أي: وباب في بيان أجرة الحمال، ويروى: وأجر الحمال.
3722 حدثنا سعيد بن يحيى بن سعيد قال حدثنا أبي قال حدثنا الأعمش عن شقيق عن أبي مسعود الأنصاري رضي الله تعالى عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمر بالصدقة انطلق أحدنا إلى السوق فيحامل فيصيب المد وإن لبعضهم لمائة ألف قال ما نراه إلا نفسه..
مطابقته للترجمة تعلم من معناه لأن معناه: أن النبي، صلى الله عليه وسلم، إذا كان يأمر بالصدقة يسمعه فقراء الصحابة ويرغب في الصدقة لما يسمع من الأجر الجزيل فيها، ثم يذهب إلى السوق فيحمل شيئا من أمتعة النساء على ظهره بأجره، ثم يتصدق به، وهذا معنى الترجمة أيضا، وكذلك في الحديث ما يطابق قوله: وأجر الحمال، لأنه حين يحمل شيئا بأجرة يصدق عليه أنه حمال، وأنه يأخذ الأجرة.
ثم الحديث قد مضى في كتاب الزكاة في: باب (اتقوا النار ولو بشق تمرة)، بعين هذا الإسناد، وبعين هذا المتن، غير أن فيه هنا زيادة شيء، وهو قوله: (ما نراه إلا نفسه).
وسعيد بن يحيى بن سعيد بن أبان بن سعيد بن العاص القرشي الأموي أبو عثمان البغدادي، والأعمش هو سليمان، وشقيق أبو وائل، وأبو مسعود عقبة بن عامر الأنصاري البدري.
قوله: (فيحامل) أي: يعمل صنعة الحمالين، من المحاملة من باب المفاعلة التي تكون من الاثنين، والمراد هنا: أن الحمل من أحدهما والأجرة من الآخر كالمساقاة والمزارعة، ويروى: تحامل، على وزن: تفاعل، بلفظ الماضي أي: تكلف حمل متاع الغير ليكتسب ما يتصدق به. قوله: (فنصيب المد) أي: من الطعام. وهو أجرته. قوله: (وأن لبعضهم لمائة ألف)، أي: من الدراهم أو الدنانير، واللام في: المائة، للتأكيد، تسمى اللام الابتدائية لدخولها على اسم إن، وهو لفظ: فإنه اسم: إن، وخبرها مقدما، قوله:
(٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 ... » »»