عمدة القاري - العيني - ج ١٢ - الصفحة ١٠٨
نزاع فيه، وإنما النزاع أن يوظف في جواز المزارعة والمعاملة، وخراج المقاسمة أن يوظف الإمام في الخارج شيئا مقدرا عشرا أو ثلثا أو ربعا، ويترك الأراضي على ملكهم منا عليهم، فإن لم تخرج الأرض شيئا فلا شيء عليهم، ولم ينقل عن أحد من الرواة أنه تصرف في رقابهم أو رقاب أولادهم، وقال أبو بكر الرازي في (شرحه لمختصر الطحاوي): ومما يدل على أن ما شرط من نصف الثمر أو الزرع كان على وجه الخراج أنه لم يرو في شيء من الأخبار أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ منهم الجزية إلى أن مات، ولا أبو بكر ولا عمر، رضي الله تعالى عنهما، إلى أن أجلاهم، ولو لم يكن ذلك لأخذ منهم الجزية حين نزلت آية الجزية، وسنذكر بقية الكلام في هذا الباب في باب المزارعة، إن شاء الله تعالى.
5822 حدثنا موسى بن إسماعيل قال حدثنا جويرية بن أسماء عن نافع عن عبد الله رضي الله تعالى عنه قال أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر أن يعملوها ويزرعوها ولهم شطر ما يخرج منها وأن ابن عمر حدثه أن المزارع كانت تكرى على شيء سماه نافع لا أحفظه..
6822 وأن رافع بن خديج حدث أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن كراء المزارع وقال عبيد الله عن نافع عن ابن عمر حتى أجلاهم عمر رضي الله تعالى عنه..
هذا أيضا ليس بداخل فيما ترجم به على ما ذكرنا الآن أن قضية خيبر لم تكن بطريق المزارعة والمساقاة إلى آخره. وقال صاحب (التوضيح): هي إجارة وسكت على ذلك، وسكوته كان خيرا لأنه ربما كان يعلل كلامه بشيء لا يقبله أحد. وقال ابن التين: وما ذكر من حديث رافع ليس مما بوب عليه أيضا، لأنه قال: كنا نكري الأرض بالثلث والربع وعلى الماديانات. وإقبال الجداول فنهينا عن ذلك. وجويرية مصغر جارية ضد الواقفة: ابن أسماء بوزن حمراء، وهو من الأعلام المشتركة، وقد مر غير مرة. قوله: (وأن ابن عمر) عطف على: عن عبد الله، أي: عن نافع أن ابن عمر حدثه أيضا أنه كانت المزارع تكرى على شيء من حاصلها. قوله: (سماه نافع) أي: قال جويرية: سمى نافع مقدار ذلك الشيء، لكن أنا لا أحفظ مقداره. قوله: (وأن رافع بن خديج حدث) إنما قال: وأن ابن عمر حدثه، بالضمير، وقال هذا: حدث، بلا ضمير، لأن ابن عمر حدث نافعا بخلاف نافع، فإنه لم يحدث له خصوصا ويحتمل أن يكون الضمير محذوفا، وسيجئ بيان حكم هذا الباب في المزارعة، إن شاء الله تعالى. قوله: (وقال عبيد الله...) إلى آخره، تعليق وصله مسلم فقال: حدثنا أحمد بن حنبل وزهير بن حرب، واللفظ لزهير، قال: حدثنا يحيى وهو القطان عن عبيد الله، قال: أخبرني نافع عن ابن عمر: (أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج منها من ثمر أو زرع) ورواه أيضا من وجوه أخرى، وفي آخره: قال لهم رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (نقركم بها على ذلك ما شئنا). فقروا بها حتى أجلاهم عمر، رضي الله تعالى عنه، إلى تيماء وأريحاء، وقال الكرماني: وقال عبيد الله، هو كلام موسى ومن تتمة حديثه، ومنه تحصل الترجمة. قلت: ليس هو من كلام موسى بل هو كلام مستأنف معلق، ولا هو من تتمة حديثه ولا منه تحصل الترجمة، لأنها في الإجارة وهذا ليس بإجاره، وإنما هو خارج، على ما ذكرنا عن قريب. وعبيد الله، بتصغير العبد: ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، رضي الله تعالى عنه، والله أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
بسم الله الرحمان الرحيم 83 ((كتاب الحوالات)) أي: هذا كتاب في بيان أحكام الحوالات، وهي جمع: حوالة، بفتح الحاء وكسرها، مشتقة من التحول والانتقال، قال ثعلب: تقول: أحلت فلانا على فلان بالدين إحالة، قال ابن طريف: معناه أتبعته على غريم ليأخذه. وقال ابن درستويه: يعني: أزال عن نفسه الدين إلى غيره، وحوله تحويلا، وفي (نوادر) اللحياني: أحيله إحالة وإحالا، وهي عند الفقهاء: نقل دين من ذمة إلى ذمة. قوله:
(١٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 ... » »»