عمدة القاري - العيني - ج ١١ - الصفحة ١٧٢
أيضا، وأصله: الحركة الخفيفة ويقال: الوسواس والوسوسة: الحديث الخفي لقوله تعالى: * (فوسوس إليه الشيطان) * (طه: 021). وصوت الحلي يسمى: وسواسا، والموسوس هو الذي يكثر الحديث في نفسه، ووسوسة الشيطان تصل إلى القلب في خفاء، ووسواس الناس من نفسه، وهي وسوسته التي يحدث بها نفسه.
قوله: (من الشبهات) وفي بعض النسخ: (من المشبهات) وفي بعضها: (من المشتبهات).
6502 حدثنا أبو نعيم قال حدثنا ابن عيينة عن الزهري عن عباد بن تميم عن عمه قال شكي إلى النبي صلى الله عليه وسلم الرجل يجد في الصلاة شيئا أيقطع الصلاة قال لا حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا..
مطابقته للترجمة من حيث إنه يدل على أن الشخص إذا كان في شيء بيقين ثم عرضت له وسوسة لا يرى تلك الوسوسة من الشبهات التي ترفع حكم ذلك الشيء، ألا يرى أن البخاري ترجم على هذا الحديث في كتاب الوضوء بقوله: لا يتوضأ من الشك حتى يستيقن، ثم أخرج هذا الحديث عن علي عن سفيان عن الزهري عن سعيد بن المسيب وعن عباد بن تميم عن عمه أنه شكى... الحديث، وقد مر الكلام فيه هناك. وأبو نعيم: هو الفضل بن دكين، وابن عيينة هو سفيان، وعباد على وزن فعال بالتشديد وعمه هو عبد الله بن زيد بن عاصم المازني. قوله: (شيئا) أي: وسوسة في بطلان الوضوء، وحاصله أن يقين الطهارة لا يزول بالشك، بل يزول بيقين الحدث.
وقال ابن أبي حفصة عن الزهري لا وضوء إلا فيما وجدت الريح أو سمعت الصوت ابن أبي حفصة هذا هو أبو سلمة محمد بن أبي حفصة ميسرة البصري، وهو يروي عن محمد بن مسلم الزهري. قوله: (لا وضوء..) إلى آخره، والأصل في هذا الباب: أن الوسواس لا يدخل في حكم الشبهات المأمور باحتنابها، لقوله، صلى الله عليه وسلم: (إن الله تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها ما لم تعمل به أو تتكلم) فالوسوسة ملغاة مطرحة لا حكم لها ما لم تستقر وتثبت.
7502 حدثنا أحمد بن المقدام العجلي قال حدثنا محمد بن عبد الرحمان الطفاوي قال حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله تعالى عنها أن قوما قالوا يا رسول الله إن قوما يأتوننا باللحم لا ندري أذكروا اسم الله عليه أم لا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم سموا الله عليه وكلوه.
مطابقته للترجمة تؤخذ من مطابقته الحديث السابق للترجمة. ورجاله خمسة: أحمد بن المقدام، بكسر الميم، للمبالغة: العجلي، بكسر العين المهملة وسكون الجيم: البصري الحافظ المجود، مات سنة ثلاث وخمسين ومائتين، والطفاوي، بضم الطاء المهملة وخفة الفاء: نسبة إلى الطفاوة بنت جرم بن ريان بن ألحاف بن قضاعة، وقيل: الطفاوة، موضع بالبصرة. قلت: يحتمل أن يكون هذا الموضع نزله بنو طفاوة فسمي بهم، وهذا كثير فيهم، والطفاوي هذا مات في سنة سبع وثمانين ومائة.
والحديث انفرد به البخاري.
وقال الكرماني: قوله: (سموا) أي: اذكروا اسم الله عليه.
وفيه: دليل على أن التسمية عند الذبح غير واجبة، إذ هذه التسمية هي المأمور بها عند أكل الطعام وشرب الشراب. انتهى. قلت: كيف غفل الكرماني عن هذه الآية: * (ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه) * (الأنعام: 121). وهذا عام في كل ذبيح ترك عليه التسمية، لكن المتروك سهوا صار مستثنى بالإجماع، فبقي الباقي تحت العموم، ولا يجوز حمل الآية على تحريم الميتة لأنه صرف الكلام إلى مجازه مع إمكان الإجراء على حقيقته، كيف وتحريم الميتة منصوص عليه في الآية؟ وقد قيل في معنى هذا الحديث: إن النبي صلى الله عليه وسلم، إنما أمرهم بأكلها في أول الإسلام قبل أن ينزل عليه: * (ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه) * (الأنعام: 121). وقال ابن التين: وهذا القول ذكره مالك في الموطأ، وقد روي ذلك مبينا في حديث عائشة، من أن الذابحين كانوا حديثي عهد بالإسلام، ممن يصح أن لا يعلموا أن مثل هذا شرع، وأما الآن فقد بان ذلك حتى لا تجد أحدا أنه لا يعلم أن التسمية مشروعة، ولا يظن بالمسلمين تعمد تركها. وأما الساهي فليسم إذا ذكرها، ويسمي
(١٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 ... » »»