عمدة القاري - العيني - ج ١٠ - الصفحة ١٠٥
أخبرنا الحسن بن عمرو الفقيمي (عن أبي أمامة التيمي، قال: قلت لابن عمر: إنا نكري، فهل لنا من حج؟ قال أليس تطوفون بالبيت فتأتون المعرف وترمون الجمار وتحلقون رؤوسكم؟. قال: قلنا: بلى. فقال ابن عمر: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن الذي سألتني عنه فلم يجبه حتى نزل جبريل، عليه الصلاة والسلام، بهذه الآية: * (ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم) * (البقرة: الآية: 891). فدعاه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أنتم حجاج).
151 ((باب الإدلاج من المحصب)) أي: هذا باب في بيان جواز الإدلاج من المحصب، وأصل الإدلاج الإدتلاج، فقلبت التاء دالا وأدغمت الدال في الدال، فصار: الإدلاج، بتشديد الدال، وهو السير في آخر الليل. وأما الإدلاج بسكون الدال فهو السير في أول الليل، وهكذا وقع في رواية أبي ذر، والصواب التشديد لأن المراد هنا هو السير في آخر الليل، لأن المقصود هو الرحيل من مكان المبيت بالمحصب سحرا، وقد ذكرنا أن المحصب هو الأبطح، ويسمى البطحاء أيضا.
1771 حدثنا عمر بن حفص قال حدثنا أبي قال حدثنا الأعمش قال حدثني إبراهيم عن الأسود عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت حاضت صفية ليلة النفر فقالت ما أراني إلا حابستكم قال النبي صلى الله عليه وسلم عقرى حلقى أطافت يوم النحر قيل نعم قال فانفري.
.
لما كانت القصة في حديث حفص بن غياث وحديث محاضر متحدة، وكان حديث محاضر مطابقا للترجمة في قوله (فلقيناه مدلجا) بتشديد الدال أي سائر من آخر الليل صار حديث حفص أيضا مطابقا للترجمة.
من هذه الحيثية وإن لم يكن فيه مطابقة صريحا.
ورجاله ستة: الأول: عمر بن حفص أبو حفص النخعي. الثاني: أبوه حفص بن غياث بن طلق بن معاوية. الثالث: سليمان الأعمش. الرابع: إبراهيم النخعي. الخامس: الأسود بن يزيد. السادس: أم المؤمنين عائشة، رضي الله تعالى عنها.
وهؤلاء كلهم إلا عائشة كوفيون. وفيه: ثلاثة من التابعين. وفيه: رواية الابن عن الأب ورواية الراوي عن خاله، وهو إبراهيم.
والحديث أخرجه مسلم في الحج أيضا عن يحيى بن يحيى، وأبي بكر بن أبي شيبة وأبي كريب ثلاثتهم عن أبي معاوية. وأخرجه النسائي فيه عن سليمان بن عبيد الله الغيلاني، وأخرجه ابن ماجة فيه عن أبي بكر بن أبي شيبة وعلي بن محمد.
قوله: (حاضت صفية) هي بنت حيي زوج النبي صلى الله عليه وسلم معناه أن صفية حاضت قبل طواف الوداع، فلما أراد النبي صلى الله عليه وسلم الانصراف إلى المدينة، (قالت: ما أراني) أي: ما أظن نفسي إلا حابستكم لانتظار طهري وطوافي للوداع، فإني لم أطف للوداع، وقد حضت فلا يمكنني الطواف الآن، وظنت أن طواف الوداع لا يسقط عن الحائض، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أما كنت طفت طواف الإفاضة يوم النحر؟ قالت، بلى. قال: يكفيك ذلك، لأنه هو الطواف الذي هو ركن لا بد لكل أحد منه. وأما طواف الوداع فلا يجب على الحائض، وتفسير: عقرى حلقي، قد مر غير مرة. قوله: (أطافت؟) الهمزة فيه للاستفهام على سبيل الاستخبار. قوله: (فانفري) أي: إرحلي.
2771 قال أبو عبد الله وزادني محمد قال حدثنا محاضر قال حدثنا الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نذكر إلا الحج فلما قدمنا أمرنا أن نحل فلما كانت ليلة النفر حاضت صفية بنت حيي فقال النبي صلى الله عليه وسلم حلقى عقرى ما أراها إلا حابستكم ثم قال كنت طفت يوم النحر قالت نعم قال فانفري قلت يا رسول الله إني لم أكن حللت قال فاعتمري من التنعيم فخرج معها أخوها فلقيناه مدلجا فقال موعدك مكان كذا وكذا.
.
(١٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 ... » »»