عمدة القاري - العيني - ج ٩ - الصفحة ٢٧
هو سليمان، والمعرور، بفتح الميم وسكون العين المهملة وبالراء المكررة، مر في: باب المعاصي، في كتاب الإيمان.
وأخرجه البخاري أيضا في النذور مقطعا. وأخرجه مسلم في الزكاة عن أبي بكر بن أبي شيبة، وعن أبي كريب وعن أبي معاوية، ثلاثتهم عن الأعمش عنه به، وأخرجه الترمذي فيه عن هناد به وعن محمد بن عبد الله بن المبارك. وأخرجه ابن ماجة فيه عن علي بن محمد عن وكيع به مختصرا (ما من صاحب إبل...) الحديث.
ذكر معناه: قوله: (انتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم) ويروى: (انتهيت إليه) أي: إلى النبي صلى الله عليه وسلم، هكذا فسره الكرماني، أيضا. وقال صاحب (التلويح): انتهيت إليه يعني: إلى النبي صلى الله عليه وسلم. وفي رواية مسلم: (انتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم)، وفي رواية الترمذي: (جئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم). أما رواية مسلم فقال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا وكيع، قال: حدثنا الأعمش عن المعرور بن سويد (عن أبي ذر، قال: انتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس في ظل الكعبة، فلما رآني، قال: هم الأخسرون ورب الكعبة...) الحديث، وفيه: (ما من صاحب إبل ولا بقر ولا غنم لا يؤدي زكاتها إلا جاءت يوم القيامة أعظم ما كانت وأسمنه تنطحه بقرونها وتطؤه بأخفافها، كلما نفدت أخراها عادت عليه أولاها حتى يقضى بين الناس). وأما رواية الترمذي، فقال: حدثنا هناد بن السري حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن المعرور بن سويد (عن أبي ذر، قال: جئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس في ظل الكعبة، قال: فرآني مقبلا، فقال: هم الأخسرون ورب الكعبة يوم القيامة...) الحديث، وفيه: (ثم قال: والذي نفسي بيده لا يموت رجل فيدع إبلا أو بقر لم يؤد زكاتها إلا جاءت يوم القيامة أعظم ما كانت وأسمنه تطؤه بأخفافها وتنطحه بقرونها كلما نفدت..) إلى آخره، نحو رواية مسلم. وقال بعضهم: قوله: قال: انتهيت إليه) هو مقول المعرور، والضمير يعود على أبي ذر، وهو الحالف. انتهى قلت: رواية مسلم والترمذي تظهر غلط هذا القائل، وهذان العمدتان في هذا الأمر يصرحان أن قوله: انتهيت، مقول أبي ذر، وليس بمقول المعرور، وأن الحالف هو النبي صلى الله عليه وسلم. قوله: (أو كما حلف)، يعني: حالفا بلا خلاف، ولكن أبا ذر تردد بين هذه الألفاظ ولم يضبطها كما وقع. قوله: (ما من رجل) مقول قوله: (قال: والذي نفسي بيده) وهذه الجملة معترضة بين قال ومقولة. قوله: (لا يؤدي حقها) أي: زكاتها، وكذا صرح في رواية مسلم حيث قال: (لا يؤدي مسلم زكاتها). قوله: (أتي بها) بضم الهمزة. قوله: (أعظم)، نصب على الحال. قوله: (وأسمنه)، الضمير فيه يرجع إلى ما يكون. قوله: (وتنطحه)، بكسر عينه وهو الذي اختاره ثعلب في (الفصيح) وماضيه: نطح، بفتح العين. قال القزاز: النطح ضرب الكبش برأسه، وحكى المطرزي في (شرحه) ينطح، بفتح العين في المستقبل وفي الماضي بالتشديد: نطح قلت: ليس هذا من ذلك ولا يأتي من: فعل، بالتشديد إلا بفعل كذلك بالتشديد. وقيل: النطح مخصوص بالكباش، وكان ابن خروف يخطؤه في ذلك، وقد استعمل في غير الكباش، وحكى ابن قتيبة: نطح الكبش والثور، وحكى اللغويون: نطح الشجاع قرنه فصرعه. وفي كتاب (الفصيح): نطح الكبش وغيره ينطح. وفي (المنتهى) لأبي المعاني: وتناطحت الأمواج. وقال ابن درستويه في كتابه (شرح الفصيح): النطح بالقرنين أو الرأسين، ويخص بذلك الكباش لأنها مولعة به، حتى إن الأقران في الحرب تشبه بها، فيقال: تناطحوا وانتطحوا، ونطح فلان قرنه فصرعه. قوله: (بأخفافها) جمع: خف، فالخف للبعير كما أن القرن للبقر والغنم. قوله: (كلما جازت) أي: مرت. قوله: (ردت) على صيغة المجهول ويروى على صيغة المعلوم، فالفاعل أما الأولى، وأما الأخرى. قوله: (عليه) أي: على رجل له إبل، وهو المذكور، ومعناه: يعاقب بهذه العقوبة حتى يقضي بين الناس أي: إلى أن يفرغ الحساب.
رواه بكير عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أي: روى هذا الحديث بكير بن عبد الله بن الأشج عن أبي صالح ذكوان السمان عن أبي هريرة، رضي الله تعالى عنه. وأخرجه مسلم مطولا موصولا من طريق بكير بهذا الإسناد، فقال: حدثني هارون بن سعيد الأيلي، قال: حدثنا ابن وهب، قال: أخبرني عمرو بن الحارث أن بكيرا حدثه عن ذكوان عن أبي هريرة، رضي الله تعالى عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا لم يؤد المرء حق الله أو الصدقة في إبله...) وساق الحديث بنحو حديث سهيل عن أبيه. فإن قلت: لم يذكر البخاري كيفية
(٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 ... » »»