عمدة القاري - العيني - ج ٩ - الصفحة ٢١٩
وروي قريبا من سبع. قال ابن الصلاح: وإذا اضطربت الروايت تعين الأخذ بأكثرها ليسقط الفرض بيقين.
وقال بعضهم: بعد أن ذكر حديث الترمذي الذي ذكرناه، وبعد أن قال: ونحوه لأبي داود من طريق صفية بنت شيبة عن عائشة، رضي الله تعالى عنها، ولأبي عوانة من طريق قتادة عن عروة عن عائشة ولأحمد من طريق سعيد بن جبير عن عائشة، رضي الله تعالى عنها: هذه الروايات كلها مطلقة، وقد جاءت روايات أصح منها مقيدة. لمسلم من طريق أبي قزعة عن الحارث بن عبد الله عن عائشة، رضي الله تعالى عنها: في حديث الباب: حتى أزيد فيه من الحجر، وله من وجه آخر عن الحارث عنها: (فإن بدا لقومك أن يبنوه بعدي فهلمي لأريك ما تركوه منه، فأراها قريبا من سبعة أذرع)، ثم ذكر الروايات المضطربة فيه التي ذكرناها عن قريب، ثم قال: وهذه الروايات كلها تجتمع على أنها فوق الستة ودون السبعة انتهى. قلت: قوله: وقد جاءت روايات أصح منها، غير مسلم، لأن حديث الباب يدل على أن الحجر كله من البيت، وأصرح منه حديث الترمذي الذي لفظه: (إن الحجر من البيت)، فكل ذلك صحيح، وترجيح رواية الحارث عن عائشة، رضي الله تعالى عنها، على رواية الأسود بن يزيد عنها بالأصحية لا دليل عليه، ثم تكلف في الجمع بين هذه الروايات بالكسر والجبر. فالأوجه والأصوب فيه ما قاله ابن الصلاح، وهو الذي ذكرناه آنفا. ثم إن ثبت أن الحجر كله أو بعضه من البيت فلا تصح صلاة كل مستقبل شيئا منه، وهو غير مستقبل لشيء من الكعبة، وذلك لأن الأحاديث في هذا آحاد، إنما تفيد الظن، وقد أمرنا باستقبال المسجد الحرام يقينا على ما هو معروف في التفصيل بين الحاضر والبعيد، وهذا هو المذهب عند الحنفية والمالكية، وهو الذي صححه الرافعي والنووي أنه لا يصح استقبال شيء من الحجر في الصلاة مع عدم استقبال شيء من الكعبة.
قوله: (قصرت بهم النفقة)، بفتح الصاد المشددة أي النفقة الطيبة التي أخرجوها، ويروى، قصرت، بضم الصاد المخففة، وروى أبو إسحاق في (السيرة): عن عبد الله بن أبي نجيح أنه أخبر عن عبد الله بن صفوان بن أمية أن وهب بن عائد بن عمران بن مخزوم، وهو جد جعدة بن هبيرة بن أبي وهب المخزومي، قال لقريش: لا تدخلوا فيه من كسبكم إلا طيبا، ولا تدخلوا فيه مهر بغي ولا بيع ربا ولا مظلمة من أحد من الناس. قوله: (ليدخلوا)، من الإدخال، وفي رواية المستملي: يدخلوا، بغير لام، وفي لفظ مسلم: (هل تدرين لم كان قومك رفعوا بابها؟ قالت: قلت: لا. قال: تحرزا أن لا يدخلها إلا من أرادوا، وأفكان الرجل إذا هو أراد أن يدخلها يدعونه يرتقي حتى إذا كاد أن يدخل دفعوه فسقط؟) قوله: (حديث عهدهم)، بتنوين: حديث، و: العهد، مرفوع لأنه فاعله، ويروى بإضافة: حديث، إلى: عهدهم. قوله: (بالجاهلية) بالألف واللام في رواية الكشميهني، وفي رواية غيره: بجاهلية، بدون الألف واللام. فإن قلت: أين جواب: لولا؟ قلت: محذوف تقديره: لأدخلت الجدر في البيت. قوله: (فأخاف أن تنكر قلوبهم)، وفي رواية شيبان عن أشعث: تنفر، بالفاء بدل الكاف، ونقل ابن بطال عن بعض علمائهم أن النفرة التي خشيها، صلى الله عليه وسلم، أن ينسبوه إلى الانفراد بالفخر دونهم. قوله: (أن أدخل الجدر). كلمة: أن، مصدرية تقديره: أخاف إنكار قلوبهم بإدخال الجدر في البيت. قوله: (وأن ألصق)، عطف على ما قبله، أي: وبأن ألصق أي: وبإلصاق بابه بالأرض.
5851 حدثنا عبيد بن إسماعيل قال حدثنا أبو أسامة عن هشام عن أبيه عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم لولا حداثة قومك بالكفر لنقضت البيت ثم لبنيته على أساس إبراهيم عليه الصلاة والسلام، فإن قريشا استقصرت بناءه وجعلت له خلفا قال أبو معاوية حدثنا هشام خلفا يعني بابا.
.
هذا طريق ثالث في طريق عائشة، رضي الله تعالى عنها، رواه عن عبيد، بضم العين: ابن إسماعيل، واسمه في الأصل: عبد الله، يكنى أبا محمد الهباري القرشي الكوفي، وهو من أفراد البخاري، يروي عن أبي أسامة حماد بن أسامة عن هشام بن عروة عن أبيه عروة ابن الزبير عن عائشة، رضي الله تعالى عنها.
قوله: (عن أبيه عن عائشة)، كذا رواه مسلم أيضا من طريق أبي معاوية، والنسائي من
(٢١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 224 ... » »»