عمدة القاري - العيني - ج ٩ - الصفحة ١٣٢
بكر، رضي الله تعالى عنه فقال: إحمل أختك فأخرجها من الحرم. قالت: والله ما ذكر الجعرانة ولا التنعيم فلتهل بعمرة، فكان أدناها من الحرم التنعيم، فأهللت بعمرة، فطفنا بالبيت وسعينا بين الصفا والمروة، ثم أتينا فارتحل، فأخبرت عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقصد لما أراد أن يعمرها إلا إلى الحل لا إلى موضع منه بعينه خاصا، وأنه إنما قصد بها عبد الرحمن التنعيم لأنه كان أقرب الحل إليهم لا لمعنى فيه يبين به من سائر الحل غيره، فثبت بذلك أن وقت نزول أهل مكة لعمرتهم الحل، وأن التنعيم في ذلك وغيره سواء.، وقال عمر رضي الله تعالى عنه: شدوا الرحال في الحج فإنه أحد الجهادين مطابقته للترجمة ظاهرة، لأن الرحال جمع رحل، وقد ذكرنا أن القتب هو الرحل الصغير. وهذا التعليق وصله عبد الرزاق وسعيد بن منصور من طريق إبراهيم النخعي (عن عابس بن ربيعة أنه سمع عمر، رضي الله تعالى عنه، يقول وهو يخطب: إذا وضعتم السروج فشدوا الرحال إلى الحج والعمرة فإنه أحد الجهادين). سماه جهادا لأنه يجاهد فيه نفسه بالصبر على مشقة السفر وترك الملاذ ودرء الشيطان عن الشهوات، وعابس بكسر الباء الموحدة وبالسين المهملة.
وقال محمد بن أبي بكر قال حدثنا يزيد بن زريع قال حدثنا عزرة بن ثابت عن ثمامة بن عبد الله بن أنس. قال حج أنس على رحل ولم يكن شحيحا وحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حج على رحل وكانت زاملته.
مطابقته للترجمة واضحة.
ذكر رجاله: وهم: خمسة: الأول: محمد بن أبي بكر المقدمي، بفتح الدال المشددة، وهو شيخ البخاري وقد علق عنه هنا، ووقع كذلك في غير ما نسخه، وذكره عنه غير واحد، ووقع في بعض النسخ: حدثنا محمد بن أبي بكر. الثاني: يزيد من الزيادة ابن زريع مصغر زرع وقد تقدم. الثالث: عزرة، بفتح العين المهملة وسكون الزاي وبالراء: ابن ثاب، بالثاء المثلثة ثم بالباء الموحدة: الأنصاري. الرابع: ثمامة، بضم الثاء المثلثة وتخفيف الميم، مر في: باب من أعاد الحديث ثلاثا. الخامس: أنس بن مالك، رضي الله تعالى عنه.
ذكر لطائف إسناده: فيه: التحديث بصيغة الجمع في موضعين. وفيه: العنعنة في موضع واحد. وفيه: القول في موضعين. وفيه: أن رواته كلهم بصريون. وفيه: رواية الرجل عن جده، وقد ذكرنا أنه معلق بما فيه من الخلاف، وقد ولى له الإسماعيلي فرواه عن يوسف القاضي وأبي يعلى والحسن، قالوا: حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي، ورواه أبو نعيم عن علي بن هارون، وأبو الفرج النسائي، قالا: حدثنا يوسف القاضي حدثنا محمد، فذكره. وروى ابن أبي شيبة عن وكيع: حدثنا زريع عن زيد بن أبان (عن أنس، قال: حج رسول الله، صلى الله عليه وسلم، على رحل وقطيفة تسوأن، وقال: لا تساوي إلا أربعة دراهم). ورواه ابن ماجة، قال: اللهم حجة لا رياء فيها ولا سمعة). وقال ابن أبي شيبة: حدثنا وكيع عن سفيان عن أبي سنان عن عبد الله بن الحارث أن النبي صلى الله عليه وسلم حج على رحل فاهتز، وقال مرة: فاحتج فقال: لا عيش إلا عيش الآخرة. قوله: (ولم يكن شحيحا) أي: بخيلا، أي: لم يكن تركه الهودج والاكتفاء بالقتب للبخل، بل لمتابعة رسول الله، صلى الله عليه وسلم. قوله: (وكانت)، أي: وكانت الراحلة التي ركبها زاملته، ودل على هذا قوله: (على رحل)، والزاملة، بالزاي: البعير الذي يستظهر به الرحل، يحمل متاعه وطعامه عليه، وهي من الزمل وهو الحمل، والحاصل أنه لم يكن معه غير راحلته لحمل متاعه وطعامه وهو راكب عليها، فكانت هي الراحلة والزاملة. وقال ابن سيده: الزاملة هي الدابة التي يحمل عليها من الإبل وغيرها، والزوملة: البعير التي عليها أحمالها، فأما العير فهي ما كان عليها أحمالها، وما لم يكن. وروى سعيد بن منصور من طريق هشام بن عروة، قال: كان الناس يحجون وتحتهم أزوادهم، وكان أول من حج وليس تحته شيء عثمان بن عفان، رضي الله تعالى عنه.
8151 حدثنا عمرو بن علي قال حدثنا أبو عاصم قال حدثنا أيمن بن نابل قال حدثنا
(١٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 ... » »»