عمدة القاري - العيني - ج ٨ - الصفحة ٤٦
الباب باللف، وبهذا المقدار يستأنس به في وجه المطابقة. والحسن: هو البصري، وأشار بقوله: (الخرقة الخامسة) إلى أن الميت يكفن بخمسة أثواب، لكن هذا في حق النساء، وفي حق الرجال بثلاثة، وهو كفن السنة في حقهما على ما عرف في موضعه.
قوله: (الفخذين والوركين) منصوبان على المفعولية، والفاعل هو الضمير الذي في: يشد، الراجع إلى الغاسل بالقرينة الدالة عليه، ويروى: (الفخذان والوركان)، مرفوعين لأنهما مفعولان نابا عن الفاعل، ففي الأولى: يشد، على بناء المعلوم، وفي الثانية على بناء المجهول. قوله: (تحت الدرع)، بكسر الدال وهو القميص هنا. وقال صاحب (التلويح): وهذا التعليق رواه وأخلى بعده بياضا. وقال بعضهم: وقد وصله ابن أبي شيبة نحوه. قلت: لم يبين وصله بمن وفي أي موضع وصله، والظاهر أنه غير صحيح، ثم قال: وروى الجوزقي من طريق إبراهيم بن حبيب بن الشهيد عن هشام بن حسان عن حفصة (عن أم عطية، قالت: فكفناها في خمسة أثواب وخمرناها بما يخمر به الحي)، وهذا يصلح مستندا لكون كفن المرأة خمسة أثواب، لأن قوله: (الخرقة الخامسة تستدعي الأربعة قبلة) وهذا عين مذهب أبي حنيفة، رضي الله تعالى عنه.
1621 حدثنا أحمد قال حدثنا عبد الله بن وهب قال أخبرنا ابن جريج أن أيوب أخبره قال سمعت ابن سيرين يقول جاءت أم عطية رضي الله تعالى عنها امرأة من الأنصار من اللاتي بايعن قدمت البصرة تبادر ابنا لها فلم تدركه فحدثتنعا قالت دخل علينا النبي صلى الله عليه وسلم ونحن نغسل ابنته فقال اغسلنها ثلاثا أو خمسا أو أكثر من ذالك إن رأيتن ذالك بماء وسدر واجعلن في الآخرة كافورا فإذا فرغتن فآذنني قالت فلما فرغنا ألقى إلينا حقوه فقال أشعرنها إياه ولم يزد على ذالك ولا أدري أي بناته وزعم الإشعار الففنها فيه وكذالك كان ابن سيرين يأمر بالمرأة أن تشعر ولا تؤزر.
.
مطابقته للترجمة في قوله: (وزعم الإشعار ألففنها فيه)، وفيه بيان كيفية الإشعار، وهو: اللف. وصدر السند مثل صدر سند الحديث في الباب السابق، لأن في كل منهما: حدثنا أحمد، قال: حدثنا ابن وهب، قال: أخبرنا ابن جريج، إلى هنا كلاهما سواء عن أحمد بن صالح على الخلاف عن عبد الله بن وهب المصري عن عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، وهناك قال: أيوب وسمعت حفصة بنت سيرين، قال: حدثنا أم عطية، وهنا أن أيوب أخبره قال: سمعت ابن سيرين يقول جاءت أم عطية امرأة... الحديث.
ذكر معناه: قوله: (امرأة من الأنصار)، مرفوع لأنه عطف بيان، ولا يلزم في عطف البيان أن يكون من الأعلام والكنى، وكلمة: من، في الموضعين بيانية، ويجوز أن تكون الثانية للتبعيض. قوله: (قدمت البصرة) بيان لقوله: (جاءت) أو بدل منه، قوله: (تبادر ابنا لها) جملة حالية، و: تبادر، من المبادرة وهي الإسراع، والمعنى: أنها أسرعت في المجيء إلى بصرة لأجل ابنها الذي كان فيها ولم تدركه لأنه إما مات قبل مجيئها، وإما خرج إلى موضع آخر. قوله: (فحدثتنا) أي: أم عطية، والقائل بهذا ابن سيرين. قوله: (ذلك)، بكسر الكاف، خطابا لأم عطية لأنها كانت الغاسلة. قوله: (في الآخرة) أي: في الغسلة الآخرة. قوله: (حقوه) أي: إزاره. قوله: (ولم يزد على ذلك) أي: قال أيوب: لم يزد ابن سيرين على المذكور، بخلاف حفصة بنت سيرين فإنها زادت أشياء منها أنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إبدأوا بميامنها ومواضع الوضوء منها). قوله: (ولا أدري أي بناته) أي: قال أيوب: ولا أدري أي بناته كانت المغسولة، فأي، مبتدأ وخبره محذوف، والتقدير: أي بناته كانت، ونحوه وهذا لا ينافي ما قاله آخرون: أنها زينب، إذ عدم علمه لا ينافي علم الغير، وقد صرح عاصم في روايته عن حفصة أنها زينب، وهي رواية مسلم، قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعمرو الناقد جميعا عن أبي معاوية. قال عمرو: حدثنا محمد بن حازم أبو معاوية. قال: حدثنا عاصم الأحول عن حفصة بنت سيرين عن أم عطية. قالت: لما ماتت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إغسلنها وترا...) الحديث. قوله: (وزعم) أي: أيوب. قوله: (الإشعار)، منصوب بقوله: (زعم). أي: قال أيوب: إن معنى أشعرنها في الحديث أي ألففنها
(٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 ... » »»