عمدة القاري - العيني - ج ٨ - الصفحة ١٧٣
البيت ورفع السقف عن حيطانها وهم يخافونه فاسترجع النبي ثم قال أخاف أنه دجال فلما مضت سبعة أيام قال النبي لأصحابه ألا تمضون بنا إلى هذا المولود فإذا الدجال على رأس نخلة يلتقط رطبا ويأكله وله همهمة شديدة وأمه جالسة في آصال النخلة فلما رأت النبي نادته يا ابن الصائد هذا محمد قد أقبل قال فسكت وترك الهمهمة قال فرجع النبي ونزل الدجال من النخلة واتبع النبي وقال النبي لأصحابه اسمعوا إلى مقالته وأنا أسأله ثم قال أتشهد أني نبي وقال له الدجال أتشهد أني نبي ثم رجع النبي مع أصحابه قال فقام عمر رضي الله تعالى عنه فضرب السيف على هامته فنبأ السيف كأنه قد ضرب على حجر ثم رجع السيف فشج رأس عمر قال فوقع عمر صريعا جريحا يسيل الدم من رأسه قال وقام الدجال على رأسه يسخر به ويستهزيء به حتى ورد الخبر إلى رسول الله فقام النبي مسرعا حزينا حتى أتى إلى عمر رضي الله تعالى عنه فقال ما الذي دعاك إلى هذا فأخبره بما جرى فقال النبي يا عمر إنك لن تستطيع أن ترد قضاء الله تعالى قال فوضع النبي يده المباركة على رأس عمر فدعا الله تعالى فالتحم الجرح بإذن الله تعالى وقال عمر يا رسول الله وددت أن يرفعه الله تعالى فقال النبي أتحب ذلك يا عمر قال نعم قال اللهم افعل فنزل جبريل عليه الصلاة والسلام في قطعة من الغمام كشبه الترس فنزل على رأس الدجال وهو جالس في وسط اليهود فأخذ بناصيته وجذبه عن ظهر الأرض وأمه وأبوه وقومه ينظرون إليه ويبكون عليه فرفعه جبرائيل عليه الصلاة والسلام فألقاه إلى جزيرة في البحر إلى أن قدم تميم الداري إلى رسول الله وأخبره بخبره ' وأخرج مسلم حديثا طويلا عن فاطمة بنت قيس أخت الضحاك بن قيس وكانت من المهاجرات الأول وفيه ' أن تميم الداري كان رجلا نصرانيا فبايع وأسلم وحدثني حديثا وافق الذي كنت أحدثكم عن مسيح الدجال حدثني أنه ركب في سفينة بحرية مع ثلاثين رجلا من لخم وجذام فلعب بهم الموج شهرا في البحر ثم أرموا إلى جزيرة في البحر ' الحديث وفيه خبر الدجال ودابة الجساسة وقال البيهقي رحمه الله تعالى من ذهب إلى أن ابن صياد غير الدجال احتج بحديث تميم الداري رضي الله تعالى عنه في قصة الجساسة الثالث في الأسئلة والأجوبة. السؤال الأول كيف سكت رسول الله عمن يدعي النبوة كاذبا وكيف تركه بالمدينة يساكنه في داره ويجاوره فيها وأجيب بأن هذا فتنة امتحن الله بها عباده المؤمنين وقد امتحن قوم موسى في زمانه بالعجل فافتتن به قوم وهلكوا ونجا من هداه الله تعالى وعصمه منهم وقال الخطابي والذي عندي أن هذه القصة إنما جرت معه أيام مهادنة رسول الله اليهود وحلفاءهم وذلك أنه بعد مقدمه المدينة كتب بينه وبينهم كتابا صالحهم فيه على أن لا يهاجروا وأن يتركوا على أمرهم وكان ابن صياد منهم أو دخيلا في جملتهم وقيل لأنه كان من أهل الذمة وقيل لأنه كان دون البلوغ وهو ما اختاره عياض فلم تجر عليه الحدود. السؤال الثاني لم اشتغل به النبي ولم حاور معه المحاورات المذكورة وأجيب بأنه كان يبلغه ما يدعيه من الكهانة ويتعاطاه من الكلام في الغيب فامتحنه ليعلم حقيقة حاله ويظهر أمره الباطل للصحابة وأنه كاهن ساحر يأتيه الشيطان فيلقي على لسانه ما تلقيه الشياطين للكهنة. السؤال الثالث روى الترمذي وغيره من حديث أنس قال قال رسول الله ' ما من نبي إلا وقد أنذر أمته الأعور الكذاب ألا أنه أعور وإن ربكم ليس بأعور مكتوب بين عينيه ك ف ر ' قال هذا حديث صحيح وفي رواية مسلم ' الدجال مكتوب بين عينيه ك ف ر ' أي كافر وفي لفظ له ' يقرؤه كل مسلم ' وفي حديث عبد الله بن عمر ' ما من نبي إلا قد أنذره قومه لقد أنذره نوح قومه ' الحديث رواه مسلم وقد ثبت في أحاديث الدجال أنه يخرج بعد خروج المهدي وأن عيسى صلى الله عليه وسلم يقتله إلى غير ذلك فما وجه إنذار الأنبياء أمتهم عنه وأجيب بأن المراد به تحقيق خروجه يعني لا يشكون في خروجه فإنه يخرج لا محالة ونبهوا على فتنته فإن فتنته عظيمة جدا تدهش العقول وتحير الألباب مع سرعة مروره في الأرض وقلة مكثه (فإن قلت) لم خص نوحا صلى الله عليه وسلم بالذكر (قلت) لأنه صلى الله عليه وسلم مقدم المشاهير من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام كما قدمه في قوله تعالى * (شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا) * *
(١٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 ... » »»