عمدة القاري - العيني - ج ٨ - الصفحة ١٤٣
المعنى سواء، على أنه ورد في بعض طرق الحديث بلفظ: الخفق، وهو ما رواه أبو داود وأحمد من حديث البراء بن عازب في أثناء حديث طويل، فيه: (وإنه ليسمع خفق نعالهم). وروى أبو داود أيضا نحو رواية البخاري، وقال: حدثنا محمد بن سليمان الأنباري حدثنا عبد الوهاب يعني ابن عطاء عن سعيد عن قتادة عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه إنه ليسمع قرع نعالهم).
ذكر رجاله: وهم سبعة: الأول: عياش، بفتح العين المهملة وتشديد الياء آخر الحروف وفي آخره شين معجمة: ابن الوليد الرقام، مر في: باب الجنب يخرج. الثاني: عبد الأعلى بن عبد الأعلى السامي، بالسين المهملة. الثالث: خليفة، من الخلافة بالخاء المعجمة والفاء: ابن خياط، بالخاء المعجمة وتشديد الياء آخر الحروف. الرابع: يزيد من الزيادة ابن زريع، بضم الزاي، وقد مر غير مرة. الخامس: سعيد بن أبي عروبة. السادس: قتادة بن دعامة. السابع: أنس بن مالك.
ذكر لطائف إسناده: فيه: التحديث بصيغة الجمع في أربعة مواضع. وفيه: العنعنة في موضعين. وفيه: ساق حديثه مقرونا برواية خليفة عن يزيد ابن زريع على لفظ خليفة، وهو معنى قوله: وقال لي خليفة، أي: قال البخاري: قال لي خليفة. ومثل هذا إذا قال يكون قد أخذه عنه في المذاكرة غالبا، ولهذا قال أبو نعيم الأصبهاني: إن البخاري رواه عن خليفة وعياش الرقام، وفيه: أن رواته كلهم بصريون.
ذكر من أخرجه غيره: أخرجه مسلم في صفة النار، قال: حدثنا عبد بن حميد حدثنا يونس بن محمد حدثنا شيبان ابن عبد الرحمن (عن قتادة حدثنا أنس بن مالك، قال: قال لي نبي الله صلى الله عليه وسلم: إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه إنه ليسمع قرع نعالهم. قال: يأتيه ملكان فيقعدانه فيقولان له: ما كنت تقول في هذا الرجل؟ فأما المؤمن فيقول: أشهد أنه عبد الله ورسوله، قال: فيقال له أنظر إلى مقعدك من النار، قد أبدلك الله به مقعدا من الجنة. قال نبي الله صلى الله عليه وسلم: فيراهما جميعا. قال قتادة: وذكر لنا أنه يفسح له في قبره سبعون ذراعا، ويملأ عليه خضراء إلى يوم يبعثون). وأخرجه أبو داود فيه عن محمد بن سليمان الأنباري، وأخرجه النسائي فيه عن أحمد بن أبي عبد الله الوراق مختصرا ومطولا. وعند ابن ماجة عن أبي هريرة، يرفعه: (إن الميت يصير إلى القبر فيجلس الرجل الصالح غير فزع ولا مشغوب، ثم يقال له: فيم كنت؟ فيقول: كنت في الإسلام، فيقال: ما هذا الرجل؟ فيقول: محمد رسول الله جاءنا بالبينات من عند الله فصدقناه، فيقال له: هل رأيت الله؟ فيقول لا، وما ينبغي لأحد أن يراه، فيفرج له فرجة قبل النار، فينظر إليها يحطم بعضها بعضا، فيقال له: أنظر إلى ما وقاك الله، ثم تفرج له فرجة قبل الجنة، فينظر إلى زهرتها وما فيها، فيقال: هذا مقعدك، ويقال له: على اليقين كنت، وعليه مت، وعليه تبعث إن شاء الله تعالى. ويجلس الرجل السوء في قبره فزعا مشغوبا، فيقال له: فيم كنت؟ فيقول: لا أدري، فيقال له: ما هذا الرجل؟ فيقول: سمعت الناس يقولون قولا فقلته، فيفرج له فرجة قبل الجنة، فينظر إلى زهرتها وما فيها، فيقال له أنظر إلى ما صرفه الله عنك، ثم تفرج له فرجة إلى النار، فينظر إليها يحطم بعضها بعضا فيقال له: هذا مقعدك، على الشك كنت، وعليه مت، وعليه تبعث إن شاء الله تعالى). وفي رواية الحاكم: (فإن كان مؤمنا كانت الصلاة عند رأسه، وكان الصوم عن يمينه، وكانت الزكاة عن يساره وكان فعل الخيرات من الصدقة والصلة والمعروف والإحسان إلى الناس عند رجليه، فأي جهة أتى منها يمنع، فيقعد فتمثل له الشمس قد دنت للغروب، فيقال له: ما تقول في هذا الرجل...؟ الحديث مطولا. وقال: صحيح ولم يخرجاه، وفي رواية الترمذي عن أبي هريرة أيضا، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا قبر الميت، أو قال: أحدكم أتاه ملكان أسودان أزرقان يقال لأحدهما المنكر، وللآخر: النكير. فيقولان: ما كنت تقول في هذا الرجل؟ فيقول، ما كان يقول: هو عبد الله ورسوله أشهد إن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، فيقولان قد كنا نعلم أنك تقول هذا، ثم يفسح له في قبره سبعون ذراعا في سبعين، ثم ينور له فيه، ثم يقال له: نم، فيقول أرجع إلى أهلي فأخبرهم، فيقولان: نم كنومة العروس الذي لا يوقظه إلا أحب أهله إليه حتى يبعثه الله من مضجعه ذلك، فإن كان منافقا، قال: سمعت الناس يقولون فقلت مثلهم لا أدري، فيقولان قد كنا نعلم أنك تقول ذلك، فيقال للأرض التئمي عليه، فتلتئم عليه فتختلف أضلاعه فلا يزال فيها معذبا حتى يبعثه الله من مضجعه ذلك). وقال الترمذي: حديث حسن غريب. وفي (الأوسط) للطبراني: ووصف الملكين: أعينهما مثل
(١٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 ... » »»