عمدة القاري - العيني - ج ٧ - الصفحة ٢٧٤
في صحيحه قال قال رسول الله ' صلاة الوسطى صلاة العصر ' وحديث أبي هشام بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس عند ابن جعفر الطبري من حديث كهيل بن حرملة سئل أبو هريرة عن الصلاة الوسطى فقال اختلفنا فيها كما اختلفتم فيها ونحن بفناء بيت رسول الله وفينا الرجل الصالح أبو هاشم بن عتبة فقال أنا أعلم ذلك فقام فاستأذن على رسول الله فدخل عليه ثم خرج إلينا فقال أخبرنا أنها صلاة العصر قال أبو موسى المديني في كتاب الصحابة أبو هاشم هذا له حديثان حسنان. وقال الذهبي أبو هاشم بن عتبة بن ربيعة العبشمي أخو أبي حذيفة وأخو مصعب بن عمير لأمه أسلم يوم الفتح وسكن الشام وكان صالحا توفي في زمن عثمان رضي الله تعالى عنه في الترمذي وغيره وحديث أم حبيبة رضي الله تعالى عنها عند الطبري أيضا من رواية شتير بن شكيل عنها عن النبي أنه قال يوم الخندق ' شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر حتى غربت الشمس ' وحديث رجل من الصحابة عنده أيضا قال ' أرسلني أبو بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما وأنا غلام صغير إلى النبي أسأله عن الصلاة الوسطى فأخذ أصبعي الصغير فقال هذه الفجر وقبض التي تليها فقال هذه الظهر ثم قبض الإبهام فقال هذه المغرب ثم قبض التي تليها فقال هذه العشاء ثم قال أي أصابعك بقيت فقلت الوسطى فقال أي الصلاة بقيت فقلت العصر قال هي العصر ' ورواه الطبري عن أحمد بن إسحاق حدثنا أبو أحمد حدثنا عبد السلام مولى أبي منصور حدثني إبراهيم بن يزيد الدمشقي قال ' كنت جالسا عند عبد العزيز بن مروان فقال يا فلان اذهب إلى فلان فقل له أيش سمعت من رسول الله في الصلاة الوسطى فقال رجل جالس أرسلني ' فذكره وحديث أم سلمة رضي الله تعالى عنها في كتاب المصاحف لابن أبي داود أنها ' قالت لكاتب يكتب لها مصحفا إذا كتبت حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى فاكتبها العصر ' ورواه ابن حزم من طريق وكيع عن داود بن قيس عن عبد الله بن رافع عن أم سلمة رضي الله تعالى عنها وحديث أنس بن مالك أن رسول الله قال ' شغلونا عن صلاة العصر التي غفل عنها سليمان بن داود عليهما الصلاة والسلام حتى توارت بالحجاب ' ذكره إسماعيل بن أبي زياد الشامي في تفسيره عن أبان عن أنس رضي الله تعالى عنه (القول الثاني) إن الصلاة الوسطى المغرب وهو قول قبيصة بن ذئب قال أبو عمر هذا لا أعلم قاله غير قبيصة قال ألا ترى أنها ليست بأقلها ولا أكثرها ولا تقصر في السفر وأن رسول الله لم يؤخرها عن وقتها ولم يعجلها قال أبو جعفر وجه قوله أنه يريد التوسط الذي هو يكون صفة للشيء الذي يكون عدلا بين الأمرين كالرجل المعتدل القامة.
(الثالث) أنها العشاء الأخيرة وهو قول المازري وزعم البغوي في شرح السنة أن السلف لم ينقل عن أحد منهم هذا القول قال وقد ذكره بعض المتأخرين (الرابع) أنها الصبح وهو قول جابر بن عبد الله ومعاذ بن جبل وابن عباس في قول وابن عمر في قول وعطاء بن أبي رباح وعكرمة ومجاهد والربيع بن أنس ومالك بن أنس والشافعي في قول وقال أبو عمر وممن قال الصلاة الوسطى صلاة الصبح عبد الله بن عباس وهو أصح ما روي عنه في ذلك وهو قول طاوس ومالك وأصحابه وروى النسائي من حديث جابر بن زيد ' عن ابن عباس قال أدلج النبي ثم عرس فلم يستيقظ حتى طلعت الشمس أو بعضها فلم يصل حتى ارتفعت الشمس وهي الصلاة الوسطى ' وفي حديث صالح أبي الخليل عن جابر بن زيد ' عن ابن عباس أنه قال صلاة الوسطى صلاة الفجر ' وعن أبي رجاء قال ' صليت مع ابن عباس صلاة الغداة في مسجد البصرة فقنت بنا قبل الركوع وقال هذه الصلاة صلاة الوسطى التي قال الله تعالى * (وقوموا لله قانتين) * ' قال الطحاوي وقد خولف ابن عباس في هذه الآية فيم نزلت ثم روى حديث زيد بن أرقم المذكور فيما مضى (قلت) المخالفون لابن عباس في سبب نزول هذه الآية زيد بن أرقم من الصحابة ومن التابعين مجاهد بن جبير والشعبي وجابر بن زيد فإنهم أخبروا أن القنوت المذكور في قوله تعالى * (وقوموا لله قانتين) * بصورة الأمر هو السكوت عن الكلام في الصلاة لأنهم كانوا يتكلمون فيها وليس هو القنوت الذي كان يفعل في صلاة الصبح فلا يسمى حينئذ بسبب ذلك لصلاة الصبح الصلاة الوسطى على أن عمرو بن ميمون والأسود وسعيد بن جبير وعمران بن الحارث قالوا لم يقنت ابن عباس في الفجر وقال أبو بكر بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا وكيع قال حدثنا سفيان عن واقد مولى زيد بن خليدة عن سعيد بن جبير ' عن ابن عباس وابن عمر رضي الله تعالى عنهما أنهما
(٢٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 ... » »»