عمدة القاري - العيني - ج ٧ - الصفحة ١٩٧
منهم باللقب أيضا. وفيه: اختلف علي ابن شهاب، فرواه عنه مالك وحفاظ أصحابه كما هو المذكور ههنا، واقتصر بعضهم في الرواية عنه على أحد الرجلين، وقال بعض أصحاب مالك: عن سعيد بن المسيب بدل أبي سلمة، وأبي عبد الله الأغر، ورواه أبو داود الطيالسي: عن إبراهيم بن سعد عن الزهري، فقال: الأعرج بدل الأغر، ورواه أبو داود الطيالسي: عن إبراهيم بن سعد عن الزهري، فقال: الأعرج بدل الأغر. قيل: هذا تصحيف. وقال الترمذي: حديث أبي هريرة صحيح، وقد روي هذا الحديث من أوجه كثيرة عن أبي هريرة (عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ينزل الله تعالى حين يبقى ثلث الليل الآخر)، وهذا أصح الروايات.
وقال شيخنا زين الدين، رحمه الله: وقد روى في ذلك خمس روايات. أصحها: ما صححه الترمذي، وقد اتفق عليها مالك بن أنس وإبراهيم بن سعد وشعيب بن أبي حمزة ومعمر بن راشد ويونس بن يزيد ومعاذ بن يحيى الصدفي وعبيد الله بن أبي زياد وعبد الله بن زياد بن سمعان وصالح بن أبي الأخضر، كلهم عن ابن شهاب عن أبي سلمة وأبي سلمة وأبي عبد الله، إلا أن ابن سمعان وابن أبي الأخضر لم يذكرا أبا سلمة في الإسناد، وزاد ابن أبي الأخضر بدله: عطاء بن يزيد الليثي، كلهم عن أبي هريرة، وهكذا رواه الأعمش: عن أبي صالح عن أبي هريرة، ومحمد ابن عمرو: عن أبي سلمة عن أبي هريرة، ويحيى بن أبي كثير: عن أبي جعفر عن أبي هريرة. وقد قيل: إن أبا جعفر هذا هو محمد بن علي بن الحسين.
الرواية الثانية: هي ما رواه الترمذي: حدثنا قتيبة حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن الإسكندراني عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه (عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ينزل الله إلى سماء الدنيا كل ليلة حين يمضي ثلث الليل الأول..) الحديث، وهكذا في رواية منصور وشعبة عن أبي إسحاق عن أبي مسلم الأغر عن أبي هريرة وأبي سعيد عند مسلم.
الرواية الثالثة: حين يبقى نصف الليل الآخر، وهي رواية إسماعيل بن جعفر عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة، وهكذا رواية حماد بن سلمة عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عنه بلفظ: (إذا كان شطر الليل..) الحديث، وكذا في رواية ابن إسحاق عن سعيد المقبري عن عطاء عن أبي هريرة: (إذا مضى شطر الليل).
الرواية الرابعة: التقييد بالشطر أو الثلث الأخير إما على الشك أو وقوع هذا مرة وهذا مرة، وهي رواية سعيد، بن مرجانة (عن أبي هريرة: ينزل الله تعالى شطر الليل أو ثلث الليل الآخر)، وهكذا في رواية الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة: أو ثلث الليل الآخر.
الرواية الخامسة: لتقييد بمضي نصف الليل أو ثلثه، وهي رواية عبيد الله بن عمر عن سعيد المقبري عن أبي هريرة: (إذا مضى نصف الليل أو ثلث الليل)، وكذا في رواية محمد بن جعفر بن أبي كثير عن سهيل ابن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة: (إذا ذهب ثلث الليل أو نصفه).
فإن قلت: كيف طريق الجمع بين هذه الروايات التي ظاهرها الاختلاف؟ قلت: أما رواية من لم يعين الوقت فلا تعارض بينها وبين من عين، وأما من عين الوقت واختلفت ظواهر رواياتهم فقد صار بعض العلماء إلى الترجيح، كالترمذي على ما ذكرنا، إلا أنه عبر بالأصح، فلا يقتضي تضعيف غير تلك الرواية لما تقتضيه صيغة: أفعل، من الاشتراك. وأما القاضي عياض فعبر في الترجيح بالصحيح، فاقتضى ضعف الرواية الأخرى، ورده النووي بأن مسلما رواها في (صحيحه) بإسناد لا يطعن فيه عن صحابيين، فكيف يضعفها؟ وإذا أمكن الجمع ولو على وجه فلا يصار إلى التضعيف. وقال النووي: ويحتمل أن يكون النبي، صلى الله عليه وسلم، أعلم بأحد الأمرين في وقت فأخبر به، ثم أعلم بالآخر في وقت آخر فأعلم به، وسمع أبو هريرة، رضي الله تعالى عنه، الخبرين فنقلهما جميعا، وسمع أبو سعيد الخدري، رضي الله تعالى عنه، خبر الثلث الأول فقط، فأخبريه مع أبي هريرة كما رواه مسلم في الرواية الأخيرة، وهذا ظاهر.
ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره: أخرجه البخاري أيضا في التوحيد عن إسماعيل بن عبد الله، وفي الدعوات عن عبد العزيز بن عبد الله. وأخرجه مسلم في الصلاة عن يحيى بن يحيى. وأخرجه أبو داود فيه وفي السنة عن القعنبي. وأخرجه الترمذي فيه عن قتيبة. وأخرجه النسائي في النعوت عن محمد بن سلمة عن ابن القاسم عن مالك به، في اليوم والليلة عن أبي داود الحراني. وأخرجه ابن ماجة في الصلاة عن أبي مروان محمد بن عثمان العثماني.
ذكر من أخرجه من غير أبي هريرة: قال الترمذي، بعد أن أخرج هذا الحديث عن أبي هريرة: وفي الباب عن علي بن أبي طالب، وأبي سعيد ورفاعة الجهني وجبير بن مطعم وابن مسعود وأبي الدرداء وعثمان بن أبي العاص. قلت: وفي الباب، عن جابر بن عبد الله وعبادة بن
(١٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 ... » »»