عمدة القاري - العيني - ج ٧ - الصفحة ١٦٥
وبات متهجدا، أي: ساهرا. وفي (معاني القرآن) للزجاج: هجدته إذا نومته، وفي (المحكم): هجد يهجد هجوا وأهجد نام والهاجد والهجود المصلي بالليل، والجمع: هجود وهجد، وفي (الجامع): الهاجد النائم وقد يكون الساهر من الأضداد، فأما التهجد فأكثر ما يكون يستعمل في السهر، وأكثر الناس على أن هجد: نام. قوله: (نافلة لك) (الإسراء: 97). النافلة الزيادة، وذكر ابن بطال عن البعض: إنما خص سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنها كانت فريضة عليه، ولغيره تطوع، ومنهم من قال: بأن صلاة الليل كانت واجبة، ثم نسخت فصارت نافلة، أي: تطوعا. وذكر في كونها نافلة أن الله تعالى غفر له من ذنوبه ما تقدم وما تأخر، فكل طاعة يأتي بها سوى المكتوبة تكون زيادة في كثرة الثواب فلهذا سمي نافلة بخلاف الأمة فإن لهم ذنوبا محتاجة إلى الكفارات، فثبت أن هذه الطاعات إنما تكون زوائد ونوافل في حق سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لا في حق غيره، وأما الذين قالوا: إن صلاة الليل كانت واجبة عليه قالوا: معنى كونها نافلة على التخصيص أي: أنها فريضة لك زائدة على الصلوات الخمس، خصصت بها من بين أمتك وذكر بعض السلف أنه يجب على الأمة قيام الليل ما يقع عليه الاسم، ولو قدر حلب شاة، وقال النووي: وهذا غلط ومردود، وقيام الليل أمر مندوب إليه وسنة متأكدة. قال أبو هريرة في (صحيح مسلم): (أفضل الصلاة بعد المكتوبة صلاة الليل، فإن قسمت الليل نصفين فالنصف الآخر أفضل. وإن قسمته أثلاثا. فالأوسط أفضلها). وأفضل منه صلاة السدس الرابع والخامس لحديث ابن عمرو في صلاة داود صلى الله عليه وسلم، ويكره أن يقوم كل الليل لقوله صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمر، رضي الله تعالى عنهما: (بلغني أنك تقوم الليل؟ قلت: نعم، قال: لكني أصلي وأنام، فمن رغب عن سنتي فليس مني). فإن قيل: ما الفرق بينه وبين صوم الدهر غير أيام النهي فإنه لا يكره عند الشافعية؟ قيل له: صلاة كل الليل تضر بالعين وسائر البدن بخلاف الصوم فإنه يستوفي في الليل ما فاته من أكل النهار، ولا يمكنه نوم النهار إذا صلى الليل كله لما فيه من تفويت مصالح دنياه وعياله، وأما بعض الليالي فلا يكره إحياؤها مثل العشر الأواخر من رمضان وليلتي العيد.
0211 حدثنا علي بن عبد الله قال حدثنا سفيان قال حدثنا سليمان بن أبي مسلم عن طاووس سمع ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل يتهجد قال اللهم لك الحمد أنت قيم السماوات والأرض ومن فيهن ولك الحمد لك ملك السماوات والأرض ومن فيهن ولك الحمد نور السماوات والأرض ولك الحمد ووعدك الحق ولقاؤك حق وقولك حق والجنة حق والنار حق والنبيون حق ومحمد صلى الله عليه وسلم حق والساعة حق اللهم لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت وإليك أنبت وبك خاصمت وإليك حاكمت فاغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت أو لا إلاه غيرك.
.
مطابقته للترجمة ظاهرة لأنه من جملة التهجد بالليل.
ذكر رجاله: وهم خمسة: الأول: علي بن عبد الله المعروف بابن المديني. الثاني: سفيان بن عيينة. الثالث: سليمان بن أبي مسلم المكي الأحول عبد الله خال ابن أبي نجيح، وأبو مسلم يقال اسمه: عبد الله. الرابع: طاووس بن كيسان اليماني. الخامس: عبد الله بن عباس.
ذكر لطائف إسناده: فيه: التحديث بصيغة الجمع في ثلاثة مواضع. وفيه: العنعنة في موضع واحد. وفيه: السماع. وفيه: القول في ثلاثة مواضع.، وفيه: أن شيخه بصري وسفيان وسليمان مكيان وطاووس يماني.
ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره: أخرجه البخاري أيضا في الدعوات عن عبد الله بن محمد، وفي التوحيد عن ثابت بن محمد مرتين وعن قبيصة بن عقبة كلاهما عن سفيان الثوري وعن محمود عن عبد الرزاق، كلاهما عن ابن جريج عنه به. وأخرجه مسلم في الصلاة عن عمرو الناقد ومحمد بن عبد الله بن نمير وابن أبي عمر ثلاثتهم عن ابن عيينة به وعن محمد
(١٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 ... » »»