عمدة القاري - العيني - ج ٧ - الصفحة ١٤١
وإنما التسبيح في الحقيقة التنزيه من النقائص، ثم يطلق على غيره من أنواع الذكر مجازا: كالتحميد والتمجيد، وغيرهما، وقد يطلق على صلاة التطوع فيقال: سبحة، وهو من أنواع المجاز من قبيل إطلاق الجزء على الكل، وقال هذا القائل أيضا: أو لأن المصلي منزه لله سبحانه وتعالى بإخلاص العبادة، والتسبيح التنزيه، فيكون من باب الملازمة. قلت: ليت شعري ما مراده من الملازمة، فإن كانت اصطلاحية فهي تستدعي اللازم والملزوم، فما اللازم هنا وما الملزوم؟ وإن أراد غير ذلك فعليه بيانه، وهذا الوجه أيضا يقتضي أن لا يختص بالنافلة، والحال أن إطلاق هذا مخصوص بالنافلة حيث قال: وأما اختصاص ذلك بالنافلة فهو عرف شرعي، وتحرير ذلك ما قاله ابن الأثير: وإنما خصت النافلة بالسبحة وإن شاركتها الفريضة في معنى التسبيح، لأن التسبيحات في الفرائض نوافل، فقيل لصلاة النافلة: سبحة لأنها نافلة كالتسبيحات والأذكار في أنها غير واجبة. قوله: (قبل) أي: وجه، بكسر القاف وفتح الباء الموحدة أي: مقابل أي جهة. قوله: (وقال الليث) قد ذكرنا في باب يصلي في السفر، أن الإسماعيلي وصله.
9901 حدثنا معاذ بن فضالة قال حدثنا هشام عن يحيى عن محمد بن عبد الرحمان ابن ثوبان قال حدثني جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي على راحلته نحو المشرق فإذا أراد أن يصلي المكتوبة نزل فاستقبل االقبلة.
مطابقته للترجمة ظاهرة، والحديث تقدم في: باب صلاة التطوع على الدابة، عن قريب فإنه أخرجه هناك: عن أبي نعيم عن شيبان عن يحيى إلى آخره. وههنا: عن معاذ، بضم الميم: ابن فضالة أبو زيد الزهراني، وهو من أفراد البخاري عن هشام الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير.. إلى آخره.
قوله: (نحو المشرق) وفي رواية جابر السالفة: (وهو راكب في غير القبلة)، وبهذا أخذ جماهير العلماء، فهذا ونحوه من الأحاديث يخصص قوله تعالى: * (وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره) * (البقرة: 441 و 051). ويبين أن قوله تعالى: * (فأينما تولوا فثم وجه الله) * (البقرة: 511). في النافلة لأن الله تعالى من لطفه وكرمه جعل باب النفل أوسع، وقد ذكرنا فيما مضى أقاويل العلماء في هذا الباب، وقال بعضهم: واستدل به على أن الوتر غير واجب عليه صلى الله عليه وسلم لإيقاعه إياه على الراحلة. قلت: قد ذكر عن قريب (عن ابن عباس أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ثلاث هن علي فرائض وهو لكم تطوع: الوتر والنحر وركعتا الفجر). وقد ذكرنا أن للنبي صلى الله عليه وسلم أن يصلي ما هو فرض على الراحلة إذا شاء.
01 ((باب صلاة التطوع على الحمار)) أي: هذا باب في بيان حكم صلاة التطوع على حمار، إنما أفرد هذا الباب بالذكر، وإن كان داخلا في: باب صلاة التطوع على الدابة، وفي: باب الإيماء على الدابة، إشارة أنه لا يشترط أن تكون الدابة طاهرة الفضلات، لكن يشترط أن لا يماس الراكب ما كان غير طاهر منها، وتنبيها على طهارة عرق الحمار، وكان الأصل أن يكون عرقه كلحمه لأنه متولد منه، ولكن خص بطهارته لركوب النبي صلى الله عليه وسلم إياه، وعن هذا قال أصحابنا: كان ينبغي أن يكون عرق الحمار مشكوكا لأن عرق كل شيء يعتبر بسؤره، لكن لما ركبه النبي صلى الله عليه وسلم معروريا، والحر حر الحجاز، والثقل ثقل النبوة حكم بطهارته.
0011 حدثنا أحمد بن سعيد قال حدثنا حبان قال حدثنا همام قال حدثنا أنس بن سيرين. قال استقبلنا أنسا حين قدم من الشام فلقيناه بعين التمر فرأيته يصلي على حمار ووجهه من ذا الجانب يعني عن يسار القبلة فقلت رأيتك تصلي لغير القبلة فقال لولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعله لم أفعله.
مطابقته للترجمة ظاهرة.
ذكر رجاله: وهم خمسة: الأول: أحمد بن سعيد بن صخر بن سليمان بن سعيد بن قيس ابن عبد الله أبو جعفر الدارمي المروزي مات بنيسابور سنة ثلاث وأربعين ومائتين، وروى عنه مسلم أيضا، وفي شرح
(١٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 ... » »»