عمدة القاري - العيني - ج ٧ - الصفحة ١٢٦
ذكره في (الصحاح) وغيره. وفي (الجمهرة): البريد معروف عربي، والفرسخ، قال ابن سيده: هو ثلاثة أميال أو ستة، سمي بذلك لأن صاحبه إذا مشى وقعد واستراح، كأنه سكن، والفرسخ: السكون. وفي (الجامع): قيل: إنما سمي فرسخا من السعة. وقيل: المكان إذا لم يكن فيه فرجة فهو فرسخ. وقيل: الفرسخ الطويل. وفي (مجمع الغرائب): فراسخ الليل والنهار ساعاتهما وأوقاتهما. وفي (الصحاح): هو فارسي معرب، والميل من الأرض معروف، وهو قدر مد البصر، وقيل: ليس له حد معلوم، وقيل: هو ثلاثة آلاف ذراع، وعن يعقوب: منتهى مد البصر، ويقال: الميل عشر غلوات، والغلوة طلق الفرس، وهو مائتا ذراع وفي (المغرب) للمطرزي الغلوة ثلاثمائة ذراع إلى أربعمائة. وقيل: هو قدر رمية سهم. وقال ابن عبد البر: أصح ما في الميل أنه ثلاثة آلاف ذراع وخمسمائة. وقيل: أربعة آلاف ذراع، وقيل: ألف خطوة بخطوة الجمل. وقيل: هو أن ينظر إلى الشخص فلا يعلم أهو آت أو ذاهب أو رجل هو أو امرأة. وقال عياض: وقيل: إثنا عشر ألف قدم، وعن الحربي قال أبو نصر: هو قطعة من الأرض ما بين العلمين.
6801 حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي قال قلت ل أبي أسامة حدثكم عبيد الله عن نافع عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تسافر المرأة ثلاثة أيام إلا مع ذي محرم.
(الحديث 6801 طرفه في: 7801).
مطابقته للترجمة من حيث إنه يبين الإبهام الذي في الترجمة ففسره أولا بقوله: (وسمى النبي صلى الله عليه وسلم السفر يوما وليلة). وثانيا بقوله: (وكان ابن عمر..) إلى آخره، وثالثا بهذا الحديث الذي رواه عن ابن عمر، رضي الله تعالى عنهما، لأن إبهام الترجمة وإطلاقه يتناول الكل.
ذكر رجاله: وهم خمسة: الأول: إسحاق، قال أبو علي الجياني: حيث قال البخاري: حدثنا إسحاق، فهو ابن راهويه. وإما ابن نصر السعدي. وإما ابن منصور الكوسج لأن الثلاثة أخرج عنهم البخاري عن أبي أسامة. قال الكرماني: إسحاق هو الحنظلي. قلت: هو إسحاق بن إبراهيم بن مخلد بن إبراهيم، يعرف بابن راهويه الحنظلي المروزي، والصواب معه، لأنه ساق هذا الحديث في مسنده بهذه العبارة. الثاني: أبو أسامة حماد بن أسامة الليثي، وقد مر غير مرة. الثالث: عبيد الله بن عمر العمري، وقد مر عن قريب. الرابع: نافع مولى ابن عمر. الخامس: عبد الله ابن عمر.
ذكر لطائف إسناده: فيه: التحديث بصيغة الجمع في موضع، وبصيغة الإفراد في موضع، وفيه: قال وقلت. وفيه: أن شيخه مروزي وأبو أسامة كوفي وعبيد الله ونافع مدنيان. وفيه: دليل لمن قال: إنه لا يشترط في صحة الناقل قول الشيخ: نعم، في جواب من قال له: حدثكم فلان، بكذا، قال بعضهم: فيه نظر، لأن مسند إسحاق في آخره وأقر به أبو أسامة وقال: نعم. قلت: فيه نظر، لأن هذا المستدل إنما استدل بظاهر عبارة البخاري التي تساعده فيه على ما لا يخفى. وفيه: أن شيخه مذكور بغير نسبة، ويحتمل وجه ذلك أنه روى هذا الحديث من هؤلاء الثلاثة المسمى كل منهم بإسحاق ولم ينسبه ليتناول الثلاثة، لأنه أخرج عن الثلاثة عن أبي أسامة.
والحديث أخرجه مسلم أيضا عن أبي بكر بن أبي شيبة وأخرجه مسلم أيضا من طريق الضحاك بن عثمان عن نافع مسيرة ثلاث ليال، والتوفيق بين الروايتين أن المراد: ثلاثة أيام بلياليها وثلاث ليال بأيامها.
ذكر ما يستنبط منه: احتج به أبو حنيفة وأصحابه وفقهاء أصحاب الحديث على أن المحرم شرط في وجوب الحج على المرأة إذا كانت بينها وبين مكة مسيرة ثلاثة أيام ولياليها، وبه قال النخعي والحسن البصري والثوري والأعمش. فإن قلت: الحج لم يدخل في السفر الذي نهى عنه النبي، صلى الله عليه وسلم، وأنه محمول على الأسفار غير الواجبة، والحج فرض، فلا يدخل في هذا النهي؟ قلت: النهي عام في كل سفر، ويؤيده ما رواه البخاري ومسلم. فقال مسلم: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب، كلاهما عن سفيان، قال أبو بكر: حدثنا سفيان بن عيينة، قال: حدثنا عمرو بن دنار (عن أبي معبد قال: سمعت ابن عباس يقول: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب: لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم، ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم، فقام رجل فقال: يا رسول الله إن امرأتي حاجة، وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا، قال: انطلق فحج مع امرأتك). ولفظ البخاري يجيء في موضعه، إن شاء الله تعالى. وأخرجه ابن ماجة والطحاوي أيضا، ولفظ الطحاوي: (أردت أن أحج بامرأتي، فقال
(١٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 ... » »»