عمدة القاري - العيني - ج ٦ - الصفحة ٩٧
أي: لا أقصر. قوله: (قد نسي)، بفتح النون من النسيان وبضمها مع تشديد السين المكسورة، والخبر يدل على استحباب المكث بين السجدتين. قال ابن قدامة: والمستحب عند أحمد أن يقول بين السجدتين: رب اغفر لي، رب اغفر لي يكرره مرارا، انتهى، وعندنا: ليس بينهما ذكر مسنون لأن الاعتدال فيه تبع وليس بمقصود فلا يسن فيه، وما روي في ذلك فمحمول على التهجد، وعند داود وأهل الظاهر: أنه فرض إن تعمد تركه بطلت صلاته.
141 ((باب لا يفترش ذراعيه في السجود)) أي: هذا باب ترجمته: لا يفترش المصلي ذراعيه أي: ساعديه، ويجوز في يفترش الجزم على النهي، والرفع على النفي، وهو أيضا بمعنى النهي.
وقال أبو حميد سجد النبي صلى الله عليه وسلم ووضع يديه غير مفترش ولا قابضهما مطابقة هذا التعليق للترجمة ظاهرة، وهو قطعة من حديث مطول أخرجه في: باب سنة الجلوس في التشهد، يأتي بعد ثلاثة أبواب، وقال الخطابي: وضع اليدين في السجدتين غير مفترش فهو أن يضع كفيه على الأرض، ويقل ساعديه ولا يضعهما على الأرض. ويريد بقوله: (ولا قابضهما) أنه يبسط كفيه مدا ولا يقبضهما بأن يضم أصابعهما، ويحتمل أن يراد بذلك ضم الساعدين والعضدين فيلصقهما ببطنه، ولكن يجافي مرفقيه عن جنبيه. قوله: (ولا قابضهما) أي: وغير قابض اليدين بأن لا يجافيهما عن جنبيه، بل يضمهما إليهما، وهذا الذي يسمى بالتخوية عند الفقهاء.
208 - (حدثنا محمد بن بشار قال حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا شعبة قال سمعت قتادة عن أنس بن مالك عن النبي قال اعتدلوا في السجود ولا ينبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب) مطابقته للترجمة من حيث المعنى فإن معنى قوله ' ولا ينبسط ' ولا يفترش. ورجاله قد ذكروا غير مرة والحديث أخرجه مسلم في الصلاة أيضا عن بندار وهو محمد بن جعفر وعن أبي موسى كلاهما عن غندر وعن أبي بكر بن أبي شيبة عن وكيع وعن يحيى بن حبيب وأخرجه أبو داود عن مسلم بن إبراهيم وأخرجه الترمذي عن محمود بن غيلان وأخرجه النسائي عن محمد بن عبد الأعلى وإسماعيل بن مسعود.
(ذكر معناه) قوله ' عن أنس ' في رواية الترمذي التصريح بسماع قتادة له عن أنس قوله ' اعتدلوا ' أي كونوا متوسطين بين الافتراش والقبض والحاصل أن اعتدال السجود استقامته بين افتراش وتقبيض قوله ' ولا ينبسط ' كذا وهو بالنون الساكنة وفتح الباء الموحدة في رواية الأكثرين وفي رواية الحموي ' ولا يبتسط ' بسكون الباء الموحدة وفتح التاء المثناة من فوق من باب الافتعال وفي رواية ابن عساكر ' ولا يبسط ذراعيه ' بالباء الموحدة الساكنة فقط وهذه هي الأحسن وفي رواية الأكثرين تأمل لأن باب الانفعال لازم لا ينصب شيئا. والحكمة فيه أنه أشبه للتواضع وأبلغ في تمكين الجبهة من الأرض وأبعد من هيئات الكسالى فإن المنبسط يشبه الكسالى ويشعر حاله بالتهاون وقلة الاعتناء بها والإقبال عليها فلو تركه كان مسيئا مرتكبا لنهي التنزيه وصلاته صحيحة. واعلم أن أبا داود أخرج هذا الحديث وترجم له بقوله باب صفة السجود ثم ذكر هذا الحديث ثم قال باب الرخصة في ذلك ثم روى حديث أبي هريرة قال ' اشتكى أصحاب النبي إلى النبي مشقة السجود عليهم إذا انفرجوا فقال استعينوا بالركب ' وقال ابن عجلان أحد رواة هذا الحديث وذلك أن يضع مرفقيه على ركبتيه إذا طال السجود وأعيى. وفي التلويح وزعم أبو داود أن هذا كان رخصة وأما أبو عيسى فإنه فهم منه غير ما قاله ابن عجلان فذكره في باب ما جاء في الاعتماد إذا قام من السجود وروى الترمذي من حديث الأعمش عن أبي سفيان عن جابر رضي الله تعالى عنه قال رسول الله ' إذا سجد أحدكم فليعتدل ولا يفترش ذراعيه افتراش الكلب ' وروى مسلم من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها ' نهى النبي أن يفترش الرجل ذراعيه افتراش السبع '
(٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 ... » »»