عمدة القاري - العيني - ج ٦ - الصفحة ٤٨
عنهم الآفات، وقيل: هو كنز من كنوز العرش لا يعلم تأويله الا الله. وقيل: من شدد ومد، فمعناه: قاصدين إليك. ونقل ذلك عن جعفر الصادق. وقيل: من قصر وشدد فهي كلمة عبرانية أو سريانية، وعن أبي زهير النميري، قال: (وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على رجل ألح في الدعاء فقال صلى الله عليه وسلم: وجب إن ختم، فقال رجل من القوم: بأي شيء يختم؟ قال: بآمين، فإنه إن ختم بآمين فقد وجب). رواه أبو داود. قلت: أبو زهير صحابي، وهو بضم الزاي وفتح الهاء. وفي (المجتبي): لا خلاف أن: آمين، ليس من القرآن حتى قالوا بارتداد من قال: إنه منه، وإنه مسنون في حق المنفرد والإمام والمأموم والقارىء خارج الصلاة، واختلف القراء في التأمين بعد الفاتحة إذا أراد ضم سورة إليها، والأصح أنه يأتي بها.
وقال عطاء آمين دعاء أمن بن الزبير ومن وراءه حتى إن للمسجد للجة مطابقة هذا الأثر للترجمة من حيث إن عطاء لما قال: آمين، دعاه والدعاء يشترك فيه الإمام والمأموم، ثم أكد ذلك بما رواه عن ابن الزبير، رضي الله تعالى عنهما، وعطاء بن أبي رباح، وابن الزبير: هو عبد الله بن الزبير بن العوام، وهذا تعليق وصله عبد الرزاق عن ابن جريج: (عن عطاء قلت له: أكان ابن الزبير يؤمن على إثر أم القرآن؟ قال: نعم، ويؤمن من وراءة حتى إن للمسجد للجة، ثم قال: إنما آمين دعاء). ورواه الشافعي عن مسلم بن خالد عن ابن جريج: (عن عطاء، قال: كنت أسمع الأئمة ابن الزبير ومن بعده يقولون: آمين، ويقول من خلفه: آمين، حتى إن للمسجد للجة). وفي (المصنف): حدثنا ابن عيينة قال: لعله عن ابن جريج عن عطاء: (عن ابن الزبير، قال: كان للمسجد رجة، أو قال: لجة، إذ قال الإمام * (ولا الضالين) *). وروى البيهقي عن خالد بن أبي أيوب (عن عطاء قال: أدركت مائتين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في هذا المسجد إذا قال الإمام * (غير المغضوب عليهم ولا الضالين) * سمعت لهم رجة: بآمين) قوله: (حتى إن للمسجد للجة) كلمة: إن، بالكسر، وللمسجد أي: ولأهل المسجد، للجة: اللام الأولى للتأكيد، والثانية من نفس الكلمة، وبتشديد الجيم: وهي الصوت المرتفع، وكذلك اللجلجة، ويروى: (لجلبة)، بفتح الجيم واللام والباء الموحدة، وهي الأصوات المختلطة. وفي رواية البيهقي: لرجة، بالراء موضع اللام. قوله: (آمين دعاء) مبتدأ وخبر مقول القول. قوله: (أمن ابن الزبير) ابتداء كلام من إخبار عطاء) وكان أبو هريرة ينادي الإمام لا تفتني بآمين مطابقة هذا للترجمة من حيث إنه يقتضي أن يقول الإمام والمأموم كلاهما: آمين، ولا يختص به أحدهما. قوله: (لا تفتني)، بفتح التاء المثناة من فوق، هي تاء الخطاب، وضم الفاء وسكون التاء: من الفوات ومعناه: لا تدعني أن يفوت مني القول بآمين. ويروى: لا يسبقني، من السبق، وهكذا وصل ابن أبي شيبة هذا التعليق فقال: حدثنا وكيع حدثنا كثير بن زيد عن الوليد بن رباح (عن أبي هريرة أنه كان يؤذن بالبحرين فقال للإمام: لا تسبقني بآمين). وأخبرنا أبو أسامة عن هشام عن محمد عنه مثله. انتهى. وكان الإمام بالبحرين العلاء بن الحضرمي، وروى صاحب (المحلى): عن عبد الرزاق عن معمر عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة أنه كان مؤذنا للعلاء بن الحضرمي بالبحرين، فاشترط عليه أن لا يسبقه بآمين. وروى البيهقي من حديث أبي رافع أن أبا هريرة، كان يؤذن لمروان بن الحكم فاشترط أن لا يسبقه بالضالين، حتى يعلم أنه قد دخل الصف، فكان إذا قال مروان: * (ولا الضالين) * قال أبو هريرة: آمين، يمد بها صوته. وقال: إذا وافق تأمين أهل الأرض تأمين أهل السماء غفر لهم. وروي عن بلال نحو قول أبي هريرة أخرجه أبو داود: حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن راهويه أخبرنا وكيع عن سفيان عن عاصم عن أبي عثمان (عن بلال أنه قال: يا رسول الله لا تسبقني بآمين). وقد أول العلماء قوله: لا تسبقني على وجهين: الأول: أن بلالا كان يقرأ الفاتحة في السكتة الأولى من سكتتي الإمام، فربما يبقى عليه شيء منها، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قد فرغ منها فاستمهله بلال في التأمين بقدر ما يتم فيه قراءة بقية السورة، حتى ينال بركة موافقته في التأمين. الثاني: أن بلالا كان يقيم في الموضع الذي يؤذن فيه من وراء الصفوف، فإذا قال: قد قامت الصلاة، كبر النبي صلى الله عليه وسلم، فربما سبقه ببعض ما يقرؤه، فاستمهله بلال قدر ما يلحق القراءة والتأمين. قلت: هذا الحديث مرسل، وقال الحاكم في (الأحكام): قيل
(٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 ... » »»