عمدة القاري - العيني - ج ٦ - الصفحة ١٥٢
المسجد...) الحديث، وفيه: (فخرج) أي: النبي صلى الله عليه وسلم صلى (بأصحابه فوقف على قبرها فكبر عليها والناس خلفه). وأما حديث أبي أمامة بن سهل فرواه النسائي عنه أنه قال: (مرضت امرأة من أهل العوالي) الحديث وفيه: (فأتى قبرها فصلى عليها فكبر أربعا). قال النووي في الخلاصة: وأبو أمامة له صحبة. وقال شيخنا زين الدين العراقي: له رؤية، وأما الصحبة فلا، وقال الذهبي في كتاب (تجريد الصحابة): أبو أمامة بن سهل بن حنيف اسمه: أسعد سماه، رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثه مرسل.
قوله: (وصفوا عليه) أي: على القبر. قوله: (فقلت: يا با عمرو) أصله يا أبا عمرو، حذفت الهمزة للتخفف، وأبو عمرو كنية الشعبي رحمه الله. قوله: (قال ابن عباس) أي: قال: حدثني ابن عباس، وفاعل قال: هو الذي مر مع النبي صلى الله عليه وسلم.
ذكر ما يستفاد منه: فيه: جواز الصلاة على القبر، قال أصحابنا: وإن دفن الميت ولم يصل عليه صلى على قبره، ولا يخرج منه ويصلي عليه ما لم يعلم أنه تفرق، هكذا ذكر في (المبسوط) وهذا يشير إلى أنه إذا شك في تفرقه وتفسخه يصلى عليه، وقد نص الأصحاب على أنه يصلي عليه مع الشك في ذلك، ذكره في (المفيد) و (المزيد) و (جوامع الفقه). وبقولنا: قال الشافعي وأحمد، وهو قول ابن عمر وأبي موسى وعائشة وابن سيرين والأوزاعي. ثم: هل يشترط في جواز الصلاة على قبره كونه مدفونا بعد الغسل؟ فالصحيح أنه يشترط، ورواه ابن سماعة عن محمد أنه: لا يشترط، وهذا الذي ذكرنا إذا دفن بعد الغسل قبل الصلاة عليه، وإذا دفنوه بعد الصلاة عليه ثم ذكروا أنهم لم يغسلوه، فإن لم يهيلوا التراب عليه يخرج ويغسل ويصلى عليه، وإن أهالوا التراب عليه لم يخرج. ثم: هل يصلى عليه ثانيا في القبر؟ ذكر الكرخي أنه: يصلى عليه، وفي (النوادر) عن محمد: القياس أن لا يصلى عليه، وفي الاستحسان: أن يصلى عليه، وفي (المحيط): لو صلى عليه من لا ولاية عليه يصلى على قبره والاعتبار في كونه قبل التفسخ غالب الظن، فإن كان غالب الظن أنه تفسخ لا يصلى عليه، وإلا يصلى عليه. وعن أبي يوسف يصلى عليه إلى ثلاثة أيام. وللشافعية: ستة أوجه: أولها: إلى ثلاثة أيام. ثانيها: إلى شهر كقول أحمد. ثالثها: ما لم يبل جسده. رابعها: يصلى عليه من كان من أهل الصلاة عليه يوم موته خامسها يصلي عليه من كان من أهل فرض الصلاة عليه يوم موته يصلي عليه أبدا، فعلى هذا تجوز الصلاة على قبور الصحابة ومن قبلهم اليوم، واتفقوا على تضعيفة. وممن صرح به الماوردي والمحاملي والفوراني والبغوي وإمام الحرمين والغزالي، وقال إسحاق: يصلي القادم من السفر إلى شهر، والحاضر إلى ثلاثة أيام. وقال سحنون من المالكية: لا يصلى على القبر، وقالت المالكية، في جواب الحديث المذكور بأنه: علل الصلاة على القبر في حديث أبي هريرة بأن هذه القبور ممتلئة على أهلها ظلمة، وأن الله ينورها بصلاتي عليهم. قالوا: فاثبت أن تنويرها بصلاته هو عليهم لا بصلاة غيره. وقال ابن حبان: ولو كان خاصا لزجر أصحابه أن يصطفوا خلفه ويصلوا معه على القبر، ففي ترك إنكاره أبين البيان أنه فعل مباح له ولأمته معا. فإن قلت: روى البخاري عن عقبة بن عامر، رضي الله تعالى عنه، أنه صلى الله عليه وسلم صلى على قتلى أحد بعد ثمان سنين؟ قلت: أجاب السرخسي في (المبسوط) وغيره: أن ذلك محمول على الدعاء، ولكنه غير سديد، لأن الطحاوي روى عن عقبة بن عامر أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يوما فصلى على قتلى أحد صلاته على الميت، والجواب السديد أن أجسادهم لم تبل. وفي (الموطأ): أن عمرو بن الجموح وعبد الله بن عمرو الأنصاريين كان السيل قد حفر قبرهما وهما من شهداء أحد، فوجدا لم يتغيرا كأنهما ماتا بالأمس، ولقتلهما ست وأربعون سنة. وفيه: أن اللقيط إذا وجد في بلاد الإسلام كان حكمه حكم المسلمين في الصلاة عليه، ونحوها من أحكام الدين، واستدل به قوم على كراهة الصلاة إلى المقابر لأنه جعل انتباذ القبر عن القبور شرطا في جواز الصلاة، وفيه نظر.
858 حدثنا علي بن عبد الله قال حدثنا سفيان قال حدثني صفوان بن سليم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الغسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم..
مطابقته الجزء الثاني من الترجمة. وهو قوله: (متى يجب الغسل عليهم).
ذكر رجاله: وهم خمسة: الأول: علي
(١٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 ... » »»