عمدة القاري - العيني - ج ٦ - الصفحة ١٢٤
الباب أيضا: عن جابر بن عبد الله وأبو سعيد الخدري وسهل بن سعد وحذيفة بن اليمان والمغيرة بن شعبة ووائلة بن الأسقع وعبد الله بن زيد، رضي الله تعالى عنهم فهؤلاء عشرون صحابيا رووا عن رسول الله ت أن المصلي يسلم في آخر صلاته تسليمتين: تسليمة عن يمينة صلى الله عليه وسلم وتسليمة عن يساره. وأجاب ابن عمر عن حديث سعد ابن أبي وقاص: أنه وهم، وإنما الحديث كما رواه ابن المبارك بسنده عنه أنه صلى الله عليه وسلم: كان يسلم عن يمينه وعن يساره. وأجاب الطحاوي مثله بما محصله: أن رواية التسليمة الواحدة هي رواية الدراوردي، وأن عبد الله بن المبارك وغيره خالفوه في ذلك، ورووا عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه كان يسلم تسليمتين.
ثم اختلفوا في السلام: هل هو واجب أم سنة؟ فعن أبي حنيفة أنه واجب، وعنه أنه سنة. وقال صاحب (الهداية): ثم إصابة لفظ السلام واجبة، عندنا، وليست بفرض، خلافا للشافعي. وفي (المغني): لابن قدامة: التسليم واجب لا يقوم غيره مقامه، والواجب تسليمة واحدة والثانية سنة، وقال ابن المنذر: أجمع العلماء على أن صلاة من اقتصر على تسليمة واحدة جائزة. وقال الطحاوي: قال الحسن بن حر: هما واجبتان، وهي رواية عن أحمد. وبه قال بعض أصحاب مالك. وقال الثوري: لو أخل بحرف من حروف: السلام عليكم، لم تصح صلاته. وفي (المغني): السنة أن يقول: السلام عليكم ورحمة الله، وإن قال: وبركاته، أيضا فحسن، والأول أحسن. وإن قال: السلام عليكم، ولم يزد فظاهر كلام أحمد أنه يجزيه، وقال ابن عقيل: الأصح أنه لا يجزيه وإن نكس السلام فقال: وعليكم السلام، ولم يجزه. وقال القاضي: فيه وجه أنه يجزيه، وهو مذهب الشافعي. وقال ابن حزم: الأولى فرض، والثانية سنة حسنة لا يأثم تاركها.
8339 حدثنا عبدان قال أخبرنا عبد الله قال أخبرنا معمر عن الزهري قال أخبرني محمود بن الربيع وزعم أنه عقل رسول الله صلى الله عليه وسلم وعقل مجة مجها من دلو كان في دارهم.
840 قال سمعت عتبان بن مالك الأنصاري ثم أحد بني سالم قال كنت أصلي لقومي بني سالم فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت إني أنكرت بصري وإن السيول تحول بيني وبين مسجد قومي فلوددت أنك جئت فصليت في بيتي مكانا حتى أتخذه مسجدا فقال أفعل إن شاء الله فغدا علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر معه بعد ما اشتد النهار فاستأذن النبي صلى الله عليه وسلم فأذنت له فلم يجلس حتى قال أين تحب أن أصلي من بيتك فأشار أليه من المكان الذي أحب أن يصلي فيه فقام فصففنا خلفه ثم سلم وسلمنا حين سلم.
مطابقته للترجمة في قوله: (ثم سلم وسلمنا حين سلم)، وذلك من حيث إنه ليس فيه الرد على الإمام، لأن الذي يقتضي معناه أنه صلى الله عليه وسلم سلم وسلم القوم أيضا حين سلم، فيكون سلامهم بعد تمام سلامه صلى الله عليه وسلم، أو بعد تقدمه بلفظ بعض السلام. وقال الكرماني: وغرض البخاري أن يبين أن السلام لا يلزم أن يكون بعد سلام الإمام حتى لو سلم مع الإمام لا تبطل صلاته، نعم، لو تقدم عليه تبطل، إلا أنه ينوي المفارقة. قلت: هذا الذي قاله لا يطابق الترجمة، وإنما مراده أن المأموم لا يرد على الإمام بتسليمة ثالثة بين التسليمتين، كما ذكرناه في حديث الباب الذي قبله.
وهذا الحديث أخرجه البخاري في: باب المساجد في البيوت، بأطول منه: عن سعيد بن عفير عن الليث عن عقيل عن ابن شهاب.. إلى آخره، وههنا: عن عبدان وهو لقب عبد الله بن عثمان بن جبلة الأزدي أبو عبد الرحمن المروزي عن عبد الله بن المبارك عن معمر بن راشد عن محمد بن مسلم الزهري... إلى آخره.
قوله: (وزعم)، المراد من الزعم ههنا: القول المخقق، فإنه قد يطلق عليه وعلى الكذب وعلى المشكوك فيه، وينزل في كل موضع على ما يليق به. قوله: (مجة مجها من دلو). من: مج لعابه: إذا قذفه، وقيل: لا يكون مجة حتى يباعد بها، وانتصاب: مجة، على أنها مفعول: عقل. وقوله: (مجها من دلو) جملة في محل النصب على أنها صفة لمجة، وكلمة: (من)، بيانية. قوله: (كانت)، صفة موصوف محذوف أي: من بئر كانت في دارهم، والدلو دليل عليه،
(١٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 ... » »»