عمدة القاري - العيني - ج ٦ - الصفحة ١٠٤
رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ولفظ: النفر، يدل على أنهم كانوا عشرة، يدل عليه أيضا رواية أبي داود وغيره: عن محمد بن عمرو بن عطاء، قال: سمعت أبا حميد الساعدي في عشرة من أصحاب النبي، صلى الله عليه وسلم. فإن قلت: أبو حميد من العشرة أو خارج منهم؟ قلت: يحتمل الوجهين بالنظر إلى رواية: في عشرة، وإلى رواية: مع عشرة، وكان من جملة العشرة: أبو قتادة الحارث بن ربعي في رواية أبي داود والترمذي، وسهل بن سعد وأبو أسيد الساعدي محمد بن سلمة في رواية أحمد وغيره، وأبو هريرة في رواية أبي داود. قوله: (أنا كنت أحفظكم لصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم)، وفي رواية أبي داود: (قالوا: فلم؟ فوالله ما كنت بأكثرنا له تبعة ولا أقدمنا له صحبة). وفي رواية الترمذي: (إتيانا، ولا أقدمنا له صحبة). وفي رواية الطحاوي من حديث العباس بن سهل: (عن أبي حميد الساعدي أنه كان يقول لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا أعلمكم بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم. قالوا: من أين؟ قال: رقبت ذلك منه حتى حفظت صلاته). وفي رواية أخرى له: (أنا أعلمكم بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: وكيف؟ فقال: اتبعت ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالوا: أرنا. قال: فقام يصلي وهم ينظرون). وزاد عبد الحميد بن جعفر في روايته: (قالوا: فأعرض)، وفي روايته عند ابن حبان: (استقبل القبلة ثم قال: الله أكبر). وزاد فليح ابن سليمان في روايته عند ابن خزيمة فيه ذكر الوضوء. قوله: (فجعل يديه حذو منكبيه) زاد ابن إسحاق: (ثم قرأ بعض القرآن). قوله: (ثم هصر ظهره)، بفتح الهاء والصاد المهملة أي: أماله في استواء من غير تقويس، وأصل الهصر: أن تأخذ رأس العود فتثنيه إليك وتعطفه. وفي (الصحاح): الهصر الكسر، وقد هصره وأهصره واهتصره بمعنى، وهصرت الغصن وبالغصن إذا أخذت برأسه وأملته، والأسد هيصر وهيصار، وفي رواية أبي داود: (ثم هصره ظهره غير مقنع رأسه ولا صافح بخده). قوله: (غيرمقنع) من الإقناع يعني: لا يرفع رأسه حتى يكون أعلى من ظهره، وقال ابن عرفة: يقال: أقنع رأسه إذا نصبه لا يلتفت يمينا ولا شمالا، وجعل طرفه موازيا لما بين يديه. قوله: (ولا صافح بخده) أي: غير مبرز بصفحة خده ولا مائل في أحد الشقين. قوله: (فإذا رفع رأسه استوى) زاد عيسى عند أبي داود (فقال: سمع الله لمن حمده اللهم ربنا لك الحمد، ورفع يديه). ونحوه لعبد الحميد وزاد: (حتى يحاذي بهما منكبيه معتدلا). قوله: (حتى يعود كل فقار) بفتح الفاء والقاف وبعد الألف راء جمع: فقارة، وهي عظام الظهر. وقال ابن قرقول: جاء عند الأصيلي هنا: (فقار)، بفتح الفاء وكسرها، ولا أعلم لذلك معنى، وعند ابن السكن: فقار، بكسر الفاء، ولغيره: فقار، وهو الصواب. وقال ابن التين: هو الصحيح، وهو الذي رويناه، وروينا في رواية أبي صالح عن الليث: (قفار)، بتقديم القاف وكسرها، وليس، لأنه جمع: قفر، وهي: المفازة. وفي (الجامع) للقزاز: الفقرة، بكسر الفاء، والفقارة بفتحها: إحدى فقار الظهر، وهي العظام المنتظمة التي يقال لها: خرز الظهر، فجمع الفقارة فقار، وجمع الفقرة: فقر، وقالوا: أفقرة، يريدون جمع: فقار، كما تقول: قذال وأقذلة. وفي (المحكم): الفقر والفقرة: ما انتضد من عظام الصلب من لدن الكاهل إلى العجب، والجمع: فقر وفقار. وقال ابن الاعرابي: أقل فقر البعير ثمان عشرة وأكثرها إحدى وعشرون، وفقار الإنسان سبع. وفي (نوادر) ابن الأعرابي رواية عن ثعلب: فقار الإنسان سبع عشرة وأكثر فقر البعير ثلاث وعشرون. وفي (المخصص) الفقر ما بين كل مفصلين، وقيل: الفقار أطراف رؤوس الفقر، وكل فقرة خرزة وفي (أمالي أبي إسحاق الزجاجي): هن سبع أمهات غير الصغار التوابع. وفي (كتاب الفصوص) لصاعد: هن أربع وعشرون، سبع منها في العنق وخمس منها في الصلب، واثنتي عشرة وهي الأضلاع. وقال الأصمعي: هن خمس وعشرون فقرة. قوله: (غير مفترش)، أي: غير مفترش يديه، وفي رواية ابن حبان من رواية عتبة بن أبي الحكم عن عباس بن سهل: (غير مفترش ذراعيه)، وفي رواية الطحاوي: (وإذا سجد فرج بين فخذيه غير حامل بطنه على شيء من فخذيه، ولا مفترش ذراعيه). قوله: (ولا قابضهما) أي: ولا قابض يديه، وهو أن يضمهما إليه، وفي رواية فليح بن سليمان: (ونحى يديه عن جنبيه ووضع يديه حذو منكبيه). وفي رواية ابن إسحاق: (فاعلولى على جنبيه وراحتيه وركبتيه وصدور قدميه حتى رأيت بياض إبطيه، وما تحت منكبيه، ثم ثبت حتى اطمأن كل عظم منه، ثم رفع رأسه فاعتدل). قوله: (فإذا جلس في الركعتين) أي: الركعتين الأوليين ليتشهد، وفي رواية الطحاوي: (ثم جلس فافترش رجله اليسرى، وأقبل بصدر اليمنى على قبلته ووضع كفه اليمنى على ركبته اليمنى، وكفه اليسرى على ركبته اليسرى، وأشار بأصبعه). وفي رواية عيسى بن عبد الله: (ثم جلس بعد
(١٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 ... » »»