عمدة القاري - العيني - ج ٥ - الصفحة ٢٩٥
عن حسين بن عيسى: حدثنا طلق بن غنام حدثنا عبد السلام بن حرب الملائي عن بديل بن ميسرة عن أبي الجوراء عن عائشة، رضي الله تعالى عنها، قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استفتح الصلاة قال: (سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك)). والترمذي وابن ماجة من حديث حارثة بن أبي الرجال: عن عمرة عن عائشة؛ (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا استفتح الصلاة قال: سبحانك اللهم...) إلى آخره، نحوه، وأبو الجوراء، بالجيم والراء: واسمه أوس بن عبد الله الربعي البصري. فإن قلت: قال أبو داود: هذا الحديث ليس بالمشهور عن عبد السلام بن حرب، ولم يروه إلا طلق بن غنام، وقد روى قصة الصلاة جماعة غير واحد عن بديل لم يذكروا فيه شيئا من هذا. وقال الترمذي: هذا حديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وحارثة قد تكلم فيه قلت: قد أخرجه الحاكم في المستدرك بالإسناد: أعني إسناد أبي داود وإسناد الترمذي. وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ولا أحفظ في قوله: (سبحانك اللهم وبحمدك) في الصلاة أصح من هذا الحديث. وقد صح عن عمر بن الخطاب، رضي الله تعالى عنه، أنه كان يقوله. ثم أخرجه عن الأعمش عن الأسود عن عمر قال: وقد أسنده بعضهم عن عمر ولا يصح. وأخرجه مسلم في (صحيحه) عن عبدة وهو ابن أبي لبابة: أن عمر بن الخطاب كان يجهر بهؤلاء الكلمات يقول: (سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك). وقال المنذري وعبدة: لا يعرف له سماع من عمر، وإنما سمع من ابنه عبد الله، ويقال: إنه رأى عمر رؤية. وقال صاحب (التنقيح): وإنما أخرجه مسلم في (صحيحه) لأنه سمعه مع غيره. وقال الدارقطني في كتابه (العلل): وقد رواه إسماعيل بن عياش عن عبد الملك بن حميد بن أبي غنية عن أبي إسحاق السبيعي عن الأسود عن عمر عن ا لنبي صلى الله عليه وسلم، وخالفه إبراهيم النخعي فرواه عن الأسود عن عمر. قوله: وهو الصحيح، وروى الترمذي من حديث أبي سعيد الخدري، قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة كبر ثم يقول: سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك، ثم يقول: الله أكبر كبيرا، ثم يقول: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزة ونفخه ونفثه). ثم قال: وفي الباب عن علي وعبد الله بن مسعود وعائشة وجابر وجبير بن مطعم وابن عمر، ثم قال، وحديث أبي سعيد أشهر حديث في هذا الباب. وقد أخذ قوم من أهل العلم بهذا الحديث. وأما أكثر أهل العلم فقالوا: إنما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: (سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك)، وهكذا روي عن عمر بن الخطاب وعبد الله بن مسعود، رضي الله تعالى عنهما، والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من التابعين وغيرهم.
قلت: أما حديث علي فأخرجه إسحاق بن راهويه في أول كتاب (الجامع) عن الليث بن سعد عن سعيد بن يزيد عن الأعرج عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي بن أبي طالب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يجمع في أول صلاته بين: سبحانك اللهم وبحمدك، وبين وجهت وجهي إلى آخرهما. قال إسحاق: والجمع بينهما أحب إلي. وفي كتاب (العلل) لابن أبي حاتم: سئل أحمد بن سلمة، أي: عن هذا الحديث، فقال: حديث موضوع باطل لا أصل له، أرى أن هذا من رواية خالد بن القاسم المدايني، وقد كان خرج إلى مصر فسمع من الليث ورجع إلى المدائن فسمع منه الناس، فكان يوصل المراسيل ويضع لها أسانيد. فخرج رجل من أهل الحديث إلى مصر فكتب، كتب الليث هنالك، ثم قدم بها بغداد فعارضوا بتلك الأحاديث، فبان لهم أن أحاديث خالد مفتعلة. وقد روى مسلم حديث علي منفردا بقوله: (وجهت وجهي)، فقط أخرجه في التهجد من رواية عبيد الله بن أبي رافع عن علي بن أبي طالب: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قام إلى الصلاة قال: وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا مسلما وما أنا من المشركين إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شرك له، وبذلك أمرت وأنا من المسلمين). وفي رواية لمسلم: (وأنا أول المسلمين)، اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت). الحديث.
وأما حديث عبد الله بن مسعود فأخرجه الطبراني في معجمه من حديث أبي الأحوض عن عبد الله قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا افتتح الصلاة قال: سبحانك اللهم وبحمدك... إلى آخره.
وأما حديث عائشة، رضي الله تعالى عنها، فقد ذكرناه عن قريب.
وأما حديث جابر، رضي الله تعالى عنه، فأخرجه الدارقطني عنه: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستفتح الصلاة، بسبحانك اللهم وبحمدك...) إلى آخره، وبعده ابن قدامة: رجال إسناده كلهم ثقات، وطعن فيه
(٢٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 290 291 292 293 294 295 296 297 298 299 300 ... » »»