عمدة القاري - العيني - ج ٥ - الصفحة ٢٤٣
بنا فلان فيها فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رأيته غضب في موضع كان أشد غضبا منه يومئذ ثم قال يا أيها الناس إن منكم منفرين فمن أم الناس فليتجوز فإن خلفه الضعيف والكبير وذا الحاجة.
مطابقته للترجمة ظاهرة، والحديث قد مضى في الباب الذي سبق قبل الباب الذي قبله، وهناك: عن أحمد بن يونس عن زهير عن إسماعيل، وههنا: عن محمد بن يوسف الفريابي عن سفيان الثوري، وقيل: محمد بن يوسف: هو أبو محمد البخاري البيكندي عن سفيان بن عيينة، والأول أصح، نص عليه أبو نعيم. وأبو مسعود: هو عقبة ابن عمرو البدري. قوله: (في موعظة)، ويروى: (في موضع). قوله: (منفرين)، ويروى: (المنفرين)، بلام التأكيد، وروي في هذا الباب عن أبي واقد الليثي وابن مسعود وابن عمر وعثمان بن أبي العاص وأنس رضي الله تعالى عنهم.
أما حديث أبي واقد فأخرجه الشافعي في (مسنده) من حديث عبد الله بن عثمان بن خثيم: عن نافع بن سرجس قال: عدنا أبا واقد الليثي فسمعته يقول: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أخف الناس صلاة على الناس، فأطول الناس صلاة لنفسه). وأما حديث ابن مسعود فأخرجه الطبراني في (الأوسط) من حديث إبراهيم التيمي: عن أبيه سمعت ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أيكم أم الناس فليخفف، فإن فيهم الضعيف والكبير وذا الحاجة). وأما حديث ابن عمر فأخرجه النسائي بسند صحيح عنه: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا بالتخفيف ويؤمنا)، وأما حديث عثمان فأخرجه مسلم عنه يرفعه: (من أم الناس فليخفف فإن فيهم الكبير، وإن فيهم الضعيف، وإن فيهم ذا الحاجة فإذا صلى أحدكم فليصل كيف شاء). وأما حديث أنس فأخرجه البخاري في هذا الباب، وسيأتي إن شاء الله تعالى، وقال الكرماني: فإن قلت: ما الحكمة في أنه صلى الله عليه وسلم في بعض المواضع عمم الخطاب ولم يخاطب معاذا بخصوصه، وقال: (إن منكم)، وفي بعضها خصصه، وقال: (أفتان أنت؟) قلت: نظرا إلى المقام، فحيث بلغ النبي صلى الله عليه وسلم أن معاذا نال منه خاطبه بالصريح، وحيث لم يبلغه عممه تضعيفا للتعزير بتضعيف الجريمة.
705 حدثنا آدم بن أبي إياس قال حدثنا شعبة قال حدثنا محارب بن دثار قال سمعت جابر بن عبد الله الأنصاري قال أقبل رجل بناضحين وقد جنح الليل فوافق معاذا يصلي فترك ناضحه وأقبل إلي معاذ فقرأ بسورة البقرة أو النساء فانطلق الرجل وبلغه أن معاذا نال منه فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فشكا إليه معاذا فقال النبي صلى الله عليه وسلم يا معاذ أفتان أنت أو أفاتن ثلاث مرار فلولا صليت بسبح اسم ربك الأعلى والشمس وضحاها والليل إذا يغشي فإنه يصلي وراءك الكبير والضعيف وذو الحاجة أحسب هذا في الحديث.
مطابقته للترجمة ظاهرة، فإن فيه شكوى صاحب الناضح إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من معاذ حين طول الصلاة وهو إمام.
ذكر رجاله: وهم أربعة، قد ذكروا فيما مضى، ومحارب، بضم الميم وكسر الراء. و: دثار، بكسر الدال: خلاف الشعار.
وفيه: التحديث بصيغة الجمع في ثلاثة مواضع. وفيه: السماع. وفيه: القول في أربعة مواضع. وأخرجه النسائي أيضا.
ذكر معناه: قوله: (بناضحين) الناضح، بالنون والضاد المعجمة والحاء المهملة: ما استعمل من الإبل في سقي النخل والزرع، وهو البعير الذي يستقى عليه. قوله: (وقد جنح الليل) أي: أقبل بظلمته، وهو بفتح النون من باب: فتح يفتح. قوله: (فقرأ سورة البقرة)، يقال: قرأها وقرأ بها، لغتان. قوله: (أو النساء) الشك من محارب، دلت عليه رواية أبي داود الطيالسي عن شعبة: شك محارب، وبهذا يرد على من زعم أن الشك فيه من جابر. قوله: (وبلغه) أي: بلغ الرجل، وهو صاحب الناضح. قوله: (إليه) أي: إلى النبي صلى الله عليه وسلم. قوله: (أفتان أنت؟) فتان صفة واقعة بعد ألف الاستفهام رافعة لظاهر، ويجوز أن يكون مبتدإ و: أنت، سادا مسد الخبر، ويجوز أيضا أن تكون: أنت مبتدأ و: هو، خبره، و: فتان، صيغة مبالغة. فاتن. وقوله: (أو فاتن) على وزن: فاعل، شك من الراوي. قوله: (فلولا صليت) أي: فهلا صليت. وقال الخطابي: معناه فهلا قرأت. وقد
(٢٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 238 239 240 241 242 243 244 245 246 247 248 ... » »»