عمدة القاري - العيني - ج ٥ - الصفحة ٢٣٦
701 قال وحدثني محمد بن بشار قال حدثنا غندر قال حدثنا شعبة عن عمر و قال سمعت جابر بن عبد الله قال كان معاذ بن جبل يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم يرجع فيؤم قومه فصلى العشاء فقرأ بالبقرة فانصرف الرجل فكأن معاذا تناول منه فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم فقال فتان فتان فتان ثلاث مرار أو قال فاتنا فاتنا فاتنا وأمره بسورتين من أوسط المفصل قال عمر و لا أحفظهما.
هذه الطريقة التي رواها عن بندار عن غندر وهو محمد بن جعفر عن شعبة... إلى آخره، تتمة الحديث الذي أخرجه قبله عن مسلم بن إبراهيم عن شعبة، وقد ذكرنا وجه تقطيعه إياه ووجه مطابقته للترجمة.
ذكر الطرق المختلفة في هذا الحديث إلى جابر بن عبد الله وغيره: وروى البخاري أيضا لحديث جابر هذا في: باب، من شكا إمامه إذا طول، من حديث محارب ابن دثار عن جابر: (أقبل رجلين بناضحين وقد جنح الليل فوافق معاذا يصلي...) الحديث، وسيأتي، إن شاء الله تعالى، في بابه. وأخرجه مسلم من حديث أبي الزبير: عن جابر عن قتيبة عن الليث عن أبي الزبير عنه، وعن محمد بن رمح عن الليث بلفظ: (قرأ معاذ في العشاء بالبقرة). وأخرجه مسلم ولفظه: (فافتتح سورة البقرة). وفي رواية: (بسورة البقرة أو النساء) على الشك، وأخرجه النسائي في الصلاة وفي التفسير عن قتيبة به. وأخرجه ابن ماجة فيه عن محمد بن رمح. وأخرجه السراج عن محارب بلفظ: (فقرأ بالبقرة والنساء). بالواو، بلا شك. (فقال صلى الله عليه وسلم: أما يكفيك أن تقرأ: والسماء والطارق، والشمس وضحاها، ونحو هذا؟) وأخرجه عبد الله بن وهب في مسنده: أخبرنا ابن لهيعة والليث عن أبي الزبير، فذكره وفيه: (طول على أصحابه فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أفتان أنت؟ خفف على الناس واقرأ: سبح اسم ربك الأعلى، والشمس وضحاها، ونحو ذلك ولا تشق على الناس). وعند أحمد في (مسنده) من حديث بريدة بإسناد قوي: (فقرأ: اقتربت الساعة)، وفي (صحيح ابن حبان) من حديث سفيان: عن عمرو عن جابر: (أخر النبي صلى الله عليه وسلم العشاء ذات ليلة فصلى معه معاذ ثم رجع إلينا فتقدم ليؤمنا فافتتح بسورة البقرة، فلما رأى ذلك رجل من القوم تنحى فصلى وحده)، وفيه: (فأمر بسور قصار لا أحفظها، فقلنا لعمرو: إن أبا الزبير قال لهم: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: إقرأ بالسماء والطارق، والسماء ذات البروج، والشمس وضحاها، والليل إذا يغشى). قال عمرو بنحو هذا. وفي (صحيح ابن خزيمة): عن بندار عن يحيى بن سعيد عن محمد بن عجلان عن أبي الزبير عن جابر بلفظ: (فقال معاذ: إن هذا يعني: الفتى يتناولني ولأخبرن النبي صلى الله عليه وسلم، فلما أخبره قال الفتى: يا رسول الله نطيل المكث عندك ثم نرجع فيطول علينا. فقال أفتان أنت يا معاذ؟ كيف تصنع يا بن أخي إذا صليت؟ قال: أقرأ الفاتحة وأسأل الله الجنة وأعوذ به من النار، أي: لا أدري ما دندنتك ودندنة معاذ. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أنا ومعاذ حولها ندندن...) الحديث. وفي (مسند أحمد) من حديث معاذ بن رفاعة: (عن رجل من بني سلمة يقال له سليم أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: يا نبي الله إنا نظل في أعمالنا فنأتي حين نمسي فنصلي، فيأتي معاذ بن جبل فينادي بالصلاة فنأتيه فيطول علينا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا معاذ لا تكن فاتنا) ورواه الطحاوي والطبراني من هذا الوجه: عن معاذ بن رفاعة (أن رجلا من بني سلمة...)، فذكره مرسلا. ورواه البزار من وجه آخر: عن جابر وسماه سليما أيضا، ووقع عند ابن حزم من هذا الوجه: أن اسمه: سلم، بفتح أوله وسكون اللام، فكأنه تصحيف. والله أعلم.
ذكر معناه: قوله: (يصلي مع النبي، صلى الله عليه وسلم) وفي رواية مسلم من رواية منصور عن عمرو: (عشاء اآخرة)، فكأن معاذا كان يواظب فيها على الصلاة مرتين. قوله: (ثم يرجع فيؤم قومه) وفي رواية منصور: (فيصلي بهم تلك الصلاة). قال بعضهم: وفي هذا رد على من زعم أن المراد: إن الصلاة التي كان يصليها مع النبي، صلى الله عليه وسلم، غير الصلاة التي كان يصليها بقومه، قلت: الجواب عنه من وجوه: (الأول: أن الاحتجاج به من باب ترك الإنكار من النبي صلى الله عليه وسلم، وشرط ذلك علمه بالواقعة، وجاز أن لا يكون علم بها. الثاني: أن النية أمر مبطن لا يطلع عليه إلا بإخبار الناوي، ومن الجائز أن يكون معاذ كان يجعل صلاته معه، صلى الله عليه وسلم، بنية النفل ليتعلم سنة القراءة
(٢٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 231 232 233 234 235 236 237 238 239 240 241 ... » »»