عمدة القاري - العيني - ج ٥ - الصفحة ٢٢١
مطابقته للترجمة في قوله: (ثم نقع سجودا بعده)، فإنه يقتضي أن يكون سجود من خلف الإمام إذا شرع الإمام في السجدة.
ذكر رجاله: وهم ستة: الأول: مسدد بن مسرهد، وقد تكرر ذكره. الثاني: يحيى بن سعيد القطان. الثالث: سفيان الثوري. الرابع: أبو إسحاق، واسمه: عمرو بن عبد الله السبيعي، بفتح السين المهملة وكسر الباء الموحدة: نسبة إلى سبيع بطن من همدان. الخامس: عبد الله بن يزيد من الزيادة الخطمي كذا وقع منسوبا عند الإسماععيلي في رواية شعبة عن أبي إسحاق، وهو منسوب إلى خطمي، بفتح الخاء المعجمة وسكون الطاء: بطن من الأوس. وقال الذهبي: عبد الله بن يزيد بن زيد ابن حصين بن عمرو الأوسي الخطمي أبو موسى، شهد الحديبية ومات قبل ابن الزبير. السادس: البراء بن عازب، رضي الله تعالى عنه.
ذكر لطائف إسناده: فيه: التحديث بصيغة الجمع في موضعين وبصيغة الإفراد في ثلاثة مواضع. وفيه: العنعنة في موضع واحد. وفيه: القول في أربعة مواضع. وفيه: عبد الله بن يزيد الصحابي من أفراد البخاري. وفيه: رواية الصحابي ابن الصحابي عن الصحابي ابن الصحابي. وذكر الذهبي في (تجريد الصحابة) والد عبد الله ووالد البراء كليهما من الصحابة، فقال: يزيد بن زيد بن حصين الأنصاري الخطمي، والد عبد الله وجد عدي بن ثابت لأمه. وقال أيضا: عازب بن الحارث والد البراء، قال البراءوفيه: اشترى أبو بكر من عازب رجلا. وفيه: أن أبا إسحاق كان معروفا بالرواية عن البراء بن عازب لكنه روى الحديث المذكور ههنا بواسطة. وهو: عبد الله بن يزيد. وفيه: أن أحد الرواة كان أميرا وهو: عبد الله بن يزيد، وكان أميرا على الكوفة في زمن عبد الله بن الزبير، وفي رواية البخاري في: باب رفع البصر في الصلاة: أن أبا إسحاق قال: سمعت عبد الله ابن يزيد يخطب. وفيه: قوله: (غير كذوب) وهو على وزن: فعول، وهو صيغة مبالغة: كصبور وشكور، واختلفوا في هذا قيل: في حق من؟ فقال يحيى بن معين والحميدي وابن الجوزي: إن الإشارة في قول أبي إسحاق: غير كذوب، إلى عبد الله بن يزيد، لا إلى البراء، لأن الصحابة عدول فلا يحتاج أحد منهم إلى تزكية وتعديل. وقال الخطيب: إن كان هذا القول من أبي إسحاق فهو في عبد الله بن يزيد، وإن كان من عبد الله فهو في البراء. وقال الخطابي: هذا القول لا يوجب تهمة في الراوي؛ وإنما يوجب حقيقة الصدق له لأن هذه عادتهم إذا أرادوا تأكيد العلم بالراوي والعمل بما روى، وكان أبو هريرة يقول: سمعت خليلي الصادق المصدوق، وقال ابن مسعود: حدثني الصادق المصدوق، وسلك عياض أيضا هذا المسلك وقال: لم يرد به التعديل وإنما أراد به تقوية الحديث إذ حدث به البراء، وهو غير متهم: ومثل هذا قول أبي مسلم الخولاني: حدثني الحبيب الأمين. وقال النووي: معنى الكلام: حدثني البراء وهو غير متهم، كما علمتم فثقوا بما أخبركم به عنه.
قلت: قد ظهر من كلام الخطابي وعياض والنووي أن هذا القول في البراء، ويترجح هذا بوجهين: الأول: أنه روي عن أبي إسحاق في بعض طرقه: سمعت عبد الله بن يزيد وهو يخطب يقول: حدثنا البراء، وكان غير كذوب. قال ابن دقيق العيد: استدل به بعضهم على أنه كلام عبد الله بن يزيد. قلت: إذا كان هذا كلام عبد الله فيكون ذاك في البراء، وأوضح من هذا وأبين ما رواه ابن خزيمة في (صحيحه) من طريق محارب بن دثار، قال: سمعت عبد الله بن يزيد على المنبر يقول: حدثني البراء وكان غير كذوب. الثاني: أن الضمير أعني قوله: وهو يرجع إلى أقرب المذكورين وهو البراء، فإن قلت: كيف نزه يحيى بن معين البراء عن التعديل لأجل صحبته ولم ينزه عبد الله بن يزيد وهو أيضا صحابي؟ قلت: يحيى بن معين لا تثبت صحبته فلذلك تنسب هذه اللفظة إليه، ووافقه على ذلك مصعب الزبيري، وتوقف في صحبته أحمد وأبو حاتم وأبو داود، وأثبتها ابن البرقي والدارقطني وآخرون. فإن قلت: نفي الكذوبية لا يستلزم نفي الكاذبية، مع أنه يجب نفي مطلق الكذب عنهما قلت: معناه غير ذي كذب، كما قيل في قوله تعالى: * (وما ربك بظلام للعبيد) * (فصلت: 46). أي: وما ربك بذي ظلم. فإن قلت: ما سبب رواية عبد الله ابن يزيد هذا الحديث؟ قلت: روى الطبراني من طريقه أنه كان يصلي بالناس بالكوفة، فكان الناس يضعون رؤوسهم قبل أن يضع رأسه، ويرفعون قبل أن يرفع رأسه، فذكر الحديث في إنكاره عليهم.
ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره: أخرجه البخاري أيضا عن أبي نعيم وعن حجاج عن شعبة وعن آدم عن إسرائيل. وأخرجه مسلم فيه عن أحمد بن يونس ويحيى بن يحيى كلاهما عن زهير وعن أبي بكر بن خلاد. وأخرجه أبو داود فيه عن حفص بن عمر عن شعبة به. وأخرجه
(٢٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 226 ... » »»