عمدة القاري - العيني - ج ٤ - الصفحة ٢٥١
على هذا، وحكى مكي عن الخليل: بالتحريك. قال الفرزدق:
* يا أيها الجالس في وسط الحلقة * أفي زنا جلدت أم في سرقة * وفي (المجرد) لكراع: حلقة القوم، وحلقة، وحلقة والجمع: حلق وحلق وحلاق.
274131 ح دثنا مسدد قال حدثنا بشر بن المفضل عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر قال سأل رجل النبي وهو على المنبر ما ترى في صلاة الليل قال مثنى مثنى فإذا خشي الصبح صلى واحدة فأوترت له ما صلى وإنه كان يقول اجعلوا آخر صلاتكم وترا فإن النبي أمر به. (الحديث 274 أطرافه في: 374، 099، 399، 599، 7311).
11 مطابقة هذا الحديث للجزء الثاني من الترجمة ظاهرة، لأن كون النبي على المنبر يدل على كون جماعة جالسين في المسجد، ومنهم الرجل الذي سأله عن صلاة الليل، وهذا لم يعرف اسمه. وقال ابن بطال: شبه البخاري في الحديث جلوس الرجال في المسجد حول النبي وهو يخطب: بالحلق، والجلوس في المسجد للعلم. انتهى قلت: فعلى هذا طابق الحديث جزئي الترجمة كليهما.
ذكر رجاله وهم خمسة: الأول: مسدد بن مسرهد، وقد تكرر ذكره. الثاني: بشر، بكسر الباء الموحدة وسكون الشين المعجمة: ابن المفضل، على صيغة المفعول، مر في باب قول النبي: (رب مبلغ أوعى). الثالث: عبيد ا بن عمر العمري، مر في باب الصلاة في مواضع الإبل. الرابع: نافع مولى ابن عمر. الخامس: عبد ا بن عمر رضي ا عنهم.
ذكر لطائف إسناده فيه: التحديث بصيغة الجمع في موضعين. وفيه: العنعنة في ثلاثة مواضع. وفيه: القول. وفيه: أن رواته ما بين بصري ومدني.
ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره أخرجه البخاري أيضا في هذا الباب على ما يأتي إن شاء ا تعالى عن أبي النعمان، وأخرجه أيضا عن عبد ا بن يوسف عن مالك عن نافع وعبد ا بن دينار عن ابن عمر. وأخرجه الطحاوي في (معاني الآثار) من اثني عشر طريقا.
ذكر معناه وإعرابه قوله: (وهو على المنبر) جملة حالية. قوله: (ما ترى؟) يحتمل أن يكون من الرأي، أي: ما رأيك؟ وأن يكون من الرؤية التي هي العلم، والمراد لازمة أي: ما حكمت؟ إذ العالم يحكم بعلمه شرعا. قوله: (مثنى مثنى) مقول القول، وهو في الحقيقة جملة لأن مقول القول يكون جملة، فالمبتدأ محذوف تقديره: صلاة الليل مثنى مثنى، أي: اثنين اثنين، والثاني تأكيد للأول، وهو غير منصرف لأن فيه العدل الحقيقي والصفة. قوله: (فأوترت) على صيغة الماضي، أي: أوترت تلك الواحد، له، أي: للمصلي. قوله: (ما صلى)، جملة في محل النصب لأنها مفعول أوترت، والفاعل فيه الضمير الذي يرجع إلى الواحدة. قوله: (وأنه)، جملة استئنافية، والضمير فيه يرجع إلى ابن عمر، والقائل هو نافع. قوله: (بالليل)، وقعت في رواية الكشميهني والأصيلي. فقط. قوله: (أمر به)، أي: بالوتر، أو بالجعل الذي يدل عليه قوله: (اجعلوا).
ذكر ما يستنبط منه فيه: جواز الحلق في المسجد للعلم والذكر وقراءة القرآن ونحو ذلك فإن قلت: روى مسلم من حديث جابر بن سمرة، قال: (دخل رسول الله المسجد وهم حلق، فقافل: مالي أراكم عزين؟) فهذا يعارض ذلك قلت: تحلقهم هذا كان لغير فائدة ولا منفعة، بخلاف تحلقهم في ذلك، لأنه كان لسماع العلم والتعلم، فلا معارضة. وفيه: أن الخطيب إذا سئل عن أمر الدين له أن يجاوب من سأله، ولا يضر ذلك خطبته. وفيه: أن صلاة الليل ركعتان.
واختلف العلماء في النوافل، فقال مالك والشافعي وأحمد: السنة أن تكون مثنى مثنى ليلا ونهارا. قال أبو حنيفة: الأفضل الأربع ليلا ونهارا. وقال أبو يوسف ومحمد: الأفضل بالليل ركعتان، وبالنهار أربع. واحتج أبو حنيفة في صلاة الليل بما رواه أبو داود في (سننه) من حديث عائشة (أنها سئلت عن صلاة رسول ا، في جوف الليل، فقالت: كان يصلي صلاة العشاء في جماعة. ثم يرجع إلى أهله فيركع أربع ركعات، ثم يأوي إلى فراشه...) الحديث بطوله. وفي آخره: (حتى قبض على ذلك)، واحتج في صلاة النهار بما رواه مسلم من حديث معاذة (أنها سألت عائشة: كم كان رسول الله يصلي الضحى؟
(٢٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 246 247 248 249 250 251 252 253 254 255 256 ... » »»