عمدة القاري - العيني - ج ٤ - الصفحة ٢٠٢
المشددة: السلمي، بفتح السين واللام كليهما. وقال ابن الأثير في (جامع الأصول): وأكثر أصحاب الحديث يكسرون اللام لأنه نسبة إلى: سلمة، بكسر اللام، فارس رسول ا، روي له مائة وسبعون حديثا، للبخاري ثلاثة عشر، مات بالمدينة سنة أربع وخمسين.
ذكر لطائف إسناده فيه: التحديث بصيغة الجمع في موضع. وفيه: الإخبار كذلك في موضع واحد. وفيه: العنعنة في ثلاثة مواضع. وفيه: أن الإسناد كله مدني ما خلا شيخ البخاري.
ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره. أخرجه البخاري أيضا عن مكي بن إبراهيم. وأخرجه مسلم في الصلاة عن يحيى بن يحيى والقعنبي وقتيبة، ثلاثتهم عن مالك به، وعن أبي بكر بن أبي شيبة. وأخرجه أبو داود فيه عن القعنبي به، وعن مسدد عن عبد الواحد بن زياد. وأخرجه الترمذي فيه عن قتيبة به، وقال: حسن صحيح. وأخرجه النسائي فيه عن قتيبة به. وأخرجه ابن ماجة فيه عن العباس بن عثمان عن الوليد بن مسلم عن مالك، وقال الدارقطني: رواه شيخ يقال له: سعيد بن عيسى عن عبد ا بن إدريس عن زكريا عن عامر عن عبد ا بن الزبير عن أبي قتادة ولم يتابع عليه، وسعيد هذا ضعيف، وليس هو من حديث زكريا ولا من حديث الشعبي، والمحفوظ قول مالك ومن تابعه. وقال سهيل بن أبي صالح:: عن عامر بن عبد ا بن الزبير عن عمرو بن سليم عن جابر بن عبد ا، فوهم في ذكره جابرا. وقال الطوسي في (الأحكام)، والترمذي في (الجامع): حديث سهيل غير محفوظ. وقال علي بن المديني: حديث سهيل خطأ. وقال ابن ماجة: رواه الأوزاعي عن يحيى بن سعيد عن عامر عن أبي قتادة وهو وهم. وفي (صحيح ابن حبان): عن أبي قتادة رفعه بزيادة: (قبل أن يجلس أو يستخبر). وفي (مصنف ابن أبي شيبة) زيادة من طريق حسنة: (أعطوا المساجد حقها. قيل: يا رسول ا وما حقها؟ قال: ركعتين قبل أن يجلس). وزاد أبو أحمد الجرجاني: (وإذا دخل بيته فلا يجلس حتى يركع ركعتين، فإن ا عز وجل جاعل له من ركعتيه في بيته خيرا). وقال إسناده منكر، وقال أبو محمد الإشبيلي: قال البخاري: هذه الزيادة لا أصل لها، وأنكر ذلك ابن القطان. وزعم أنه لا يصح نسبته إليه.
ذكر معناه قوله: (فليركع) أي: فليصل، أطلق الجزء وأراد الكل. فإن قلت: الشرط سبب للجزاء، فما السبب ههنا؟ أهو الركوع أو الأمر بالركوع؟ قلت: إن أريد بالأمر تعلق الأمر فهو الجزاء، وإلا فالجزاء هو لازم الأمر، وهو الركوع، والمراد من الركعتين تحية المسجد، ولا يتأدى هذا بأقل من ركعتين لأن هذا العدد لا مفهوم لأكثره بالاتفاق، واختلف في أقله، والصحيح اعتبارهما.
ذكر ما يستنبط منه: قال ابن بطال: اتفق أئمة الفتوى أنه محمول على الندب والإرشاد مع استحبابهم الركوع لكل من دخل المسجد لما روي: أن كبار أصحاب رسول الله يدخلون المسجد ثم يخرجون ولا يصلون، وأوجب أهل الظاهر فرضا على كل مسلم داخل في وقت تجوز فيه الصلاة الركعتين، وقال بعضهم: واجب في كل وقت، لأن فعل الخير لا يمنع منه إلا بدليل معارض له. وقال الطحاوي: من دخل المسجد في أوقات النهي فليس بداخل في أمره بالركوع عند دخوله المسجد، واستدل الطحاوي أيضا في عدم الوجوب بقوله للذي رآه يتخطى: إجلس فقد آذيت، ولم يأمره بالصلاة. فقال السفاقسي: وفقهاء الأمصار حملوا هذا على الندب لقوله للذي سأله عن الصلاة: (هل على غيرها؟ قال: إلا أن تطوع). ولو قلنا بوجوبهما لحرم على المحدث الحدث الأصغر دخول المسجد حتى يتوضأ، ولا قائل به، فإذا جاز دخول المسجد على غير وضوء لزم منه أنه لا يجب عليه سجودها عند دخوله، فإن قصد دخول المسجد ليصلي فيه في الأوقات المكروهة فلا يجوز له ذلك عند الشافعي. وقال النووي: هي سنة بإجماع، فإن دخل وقت كراهة يكره له أن يصليهما في قول أبي حنيفة وأصحابه، وحكي ذلك أيضا عن الشافعي، ومذهبه الصحيح أن لا كراهة. وا أعلم. وقال عياض: وظاهر مذهب مالك أنهما من النوافل. وقيل: من السنن، فإن دخل مجتازا فهل يؤمر بهما؟ خفف في ذلك مالك، وعن بعض أصحاب مالك: إن من تكرر دخوله المسجد سقطتا عنه، واستدل بعضهم بقوله: (قبل أن يجلس)، بأه إذا خالف وجلس لا يشرع له التدارك، ورد هذا بما رواه ابن حبان في (صحيحه) من حديث أبي ذر: (أنه دخل المسجد فقال له النبي عليه الصلاة والسلام: أركعت ركعتين؟ قال: لا، ثم قال: قم فاركعهما). ترجم عليه ابن حبان باب تحية
(٢٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 ... » »»