عمدة القاري - العيني - ج ٣ - الصفحة ٢١١
البيهقي في (المعرفة) حدث أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا: حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر، رضي الله عنهما. (أنه توضأ بالسوق فغسل وجهه ويديه ومسح رأسه، ثم دعي لجنازة فدخل المسجد ليصلي عليهما فمسح على خفيه ثم صلى عليهما) قال الشافعي: وأحب أن يتابع الوضوء ولا يفرق، فإن قطعه فأحب إلي أن يستأنف وضوءه، ولا يتبين لي أن يكون عليه استئناف وضوء. وقال البيهقي: وقد روينا في حديث عمر، رضي الله تعالى عنه، جواز التفريق، وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي في الجديد، وهو قول ابن عمر وابن المسيب وعطاء وطاوس والنخعي والحسن وسفيان بن سعيد ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم، وعند الشافعي في القديم لا يجزيه ناسيا كان أو عامدا، وهو قول قتادة وربيعة والأوزاعي والليث وابن وهب، وذلك إذا فرقه حتى جف، وهو ظاهر مذهب مالك، وإن فرقه يسيرا جاز، وإن كان ناسيا، فقال ابن القاسم: يجزيه وعن مالك يجزيه في الممسوح دون المغسول، وعن ابن أبي زيد، يجزيه في الرأس خاصة. وقال ابن مسلمة في (المبسوط) يجزيه في الممسوح رأسا كان أو خفا وقال الطحاوي: الجفاف ليس بحديث فينقض كما لو جف جميع أعضاء الوضوء لم تبطل الطهارة.
265 حدثنا محمد بن محبوب قال حدثنا عبد الواحد قال حدثنا الأعمش عن سالم بن أبي الجعد عن كريب مولى ابن عباس عن ابن عباس قال قالت ميمونة وضعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ماء يغتسل به فافرغ على يديه فغسل هما مرتين أو ثلاثا ثم أفرغ بيمنه على شماله فغسل مذاكيره ثم يده بالأرض ثم تمضمض واستنشق ثم غسل وجهه ويديه وغسل رأسه ثلاثا ثم أفرغ على جسده ثم تنحى من مقامه فغسل قدميه.
.
مطابقة الحديث للترجمة في تفريق غسل أعضائه بإفراغ الماء على جسده والتنحي من مقامه. فإن قلت هذا في تفريق الغسل فأبن ما يدل على تفريق الوضوء؟ قلت: دل على تفريقه ذكر ميمونة صفة وضوئه، عليه الصلاة والسلام، بكلمة: ثم التي تدل على التراخي مطلقا.
ذكر رجاله وهم سبعة: محمد بن محبوب أبو عبد الله البصري، قيل: محبوب لقبه واسمه الحسن، مات سنة ثلاث وعشرين ومائتين، وعبد الواحد هو ابن زياد البصري، وقد تقدم هذا المتن من رواية موسى بن إسماعيل عنه في باب الغسل مرة واحدة، غير أن في بعض ألفاظهما اختلاف فهنا قولها: (ماء يغتسل به) وهناك (ماء فغسل يديه مرتين) وهاهنا (فأفرغ على يديه فغسلهما مرتين) وهناك، (ثم أفرغ على شماله) وهاهنا (ثم أفرغ بيمينه على شماله) وهناك: (ثم مسح يده بالأرض) وهاهنا: (ثم دلك يده بالأرض) وهناك: (ثم مضمض) وهاهنا: (ثم تمضمض) وهناك: (ثم أفاض على جسده) وهاهنا: (ثم أفرغ على جسده) وهناك: (ثم تحول من مكانه) وهاهنا: (ثم تنحى من مقامه) أي: بعد من مقامه، بفتح الميم: اسم مكان قال الكرماني: فإن قلت: هو مكان القيام، فهل يستفاد منه أنه صلى الله عليه وسلم اغتسل قائما؟ قلت: ذلك أصله لكنه اشتهر بعرف الاستعمال لمطلق المكان قائما كان أو قاعدا فيه.
وبقية الكلام فيه مضت هناك.
11 ((باب من أفرغ بيمنه على شماله في الغسل)) أي: هذا الباب في بيان من أفرغ الماء بيمنه على شماله، وهذا الباب مقدم على الباب الذي قبله عند ابن عساكر والأصيلي، وعلى كل تقدير المناسبة بينهما ظاهر من حيث إن كلا منهما يتعلق بالوضوء، وإفراغ الماء بيمنه على شماله في الاستنجاء في الغسل، وهذا وجه واحد، ولا يجوز غيره وأما في غسل الأطراف فإن كان الإناء الذي يتوضأ منه إنا واسعا يضعه عن يمينه ويأخذ منه الماء بيمنه، وإن كان ضيقا كالقماقم يضعه عن يساره ويصب الماء منه على يمينه، قاله الخطابي.
266 حدثنا موسى بن إسماعيل قال حدثنا أبو عوانة قال حدثنا الأعمش عن سالم بن أبي الجعد عن كريب مولى ابن عباس ابن عباس عن ابن عباس عن ميمونة بنت الحارث قالت وضعت لرسول
(٢١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 ... » »»