عمدة القاري - العيني - ج ٣ - الصفحة ١٨٦
بالسواك شوصا غسله وقيل: امره على أسنانه من سفل إلى علو. وقيل: هو أن يطعن به فيها وقد شاصه شوصا وشوصانا وشاص الشيء شوصا دلكه وشاص الشيء زعزعه وفي (الجامع) كل شيء غسلته فقدت شصته. وقال أبو عبيد: شصته نقيته وفي (الغريبين) كل شيء غسلته فقد شصته ومصته. وقال ابن عبد البر هو الحك. وقال الخطابي: الشوص ذلك الأسنان عرضا وقيل: الشوص غسل الشيء في لين ورفق.
ومما يستنبط من هذا ما قال ابن دقيق العيد: فيه: استحباب السواك عند القيام من النوم، لأن النوم مقتض لتغير الفم لما يتصاعد إليه من أبخرة المعدة، والسواك آلة تنظيفه فيستحب عند مقتضاه، وقال: ظاهر قوله: (من الليل) عام في كل حالة، ويحتمل أن يخص بما إذا قام إلى الصلاة انتهى ويدل على هذا الاحتمال رواية البخاري في الصلاة بلفظ (إذا قام للتهجد) ولمسلم نحوه وحديث ابن عباس، رضي الله تعالى عنهما، يشهد له.
74 ((باب دفع السواك إلى الأكبر)) أي: هذا باب في بيان دفع السواك إلى الأكبر. والمناسبة بي البابين ظاهرة.
246 وقال عفان حدثنا صخر بن جريرية عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال أراني أتسوك بسواك فجاءني رجلان أحدهم أكبر من الآخر من الآخر فناولت السواك الأصغر منهما فقيل لي كبر فدفعته إلي الأكبر منهما قال أبو عبد الله اختصره نعيم عن ابن المبارك عن أسامة عن نافع عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما.
أخرج البخاري هذا الحديث بلا رواية، ولكن وصله غيره منهم: أبو عوانة في (صحيحه) عن محمد بن إسحاق الصفاني، وغيره عن عفان وأخرجه أيضا أبو نعيم الأصبهاني عن أبي أحمد، حدثنا موسى بن العباس الجويني حدثنا محمد بن يحيى حدثنا عفان، وحدثنا أبو إسحاق حدثنا عبد الله بن فحطية حدثنا نصر بن علي حدثنا أبي، قالا: حدثنا صخر بن جويرية وقال مسلم في (صحيحه) حدثنا نصر بن علي عن أبيه عن صخر والإسماعيلي من طريق وهب بن جرير وسعيد بن حرب، قالا: حدثنا صخر بن جويرية فذكره.
بيان رجاله وهم ثمانية: الأول: عفان بن مسلم الصفار البصري الأنصاري، أبو عثمان، سئل عن القرآن زمن المحنة فأبى أن يقول: القرآن مخلوق، وكان من حكام الجرح والتعديل، جعل له عشرة آلاف دينار على أن يقف عن تعديل رجل، ولا يقول: عدل أو غير عدل، قالوا: قف فيه ولا تقل شيئا، فقال: لا أبطل حقا من الحقوق، ولم يأخذها. مات ببغداد سنة عشرين ومائتين. الثاني: صخر بن جويرية، تصغير الجارية بالجيم، البصري أبو نافع التميمي الثقة. الثالث: نافع مولى ابن عمر القرشي العدوي، تقدم في آخر كتاب العلم. الرابع: عبد الله بن عمر بن الخطاب الخامس: أبو عبد الله هو البخاري نفسه. السادس: نعيم، بضم النون بن حماد المروزي الخزاعي الأعور، سكن مصر. قال أحمد: كنا نسميه الفارض، كان من أعلم الناس بالفرائض، وسئل عن القرآن فلم يجب بما أرادوه منه، فحبس بسامرا حتى مات في السجن سنة ثمان وعشرين ومائتين زمن خلافة أبي إسحاق بن هارون الرشيد. السابع: عبد الله بن المبارك. تقدم في كتاب الوحي. الثامن: أسامة بن زيد الليثي، بالمثلثة المدني. وقد تكلم فيه، ولهذا ذكره البخاري، رحمه الله استشهادا، مات سنة ثلاث وخمسين ومائتين.
بيان لطائف الإسنادين وفي الإسناد الأول: التحديث بصيغة الجمع في موضع واحد. وفيه: العنعنة في موضعين. وفي الثاني: العنعنة في أربعة مواضع، وفيه: أن رواته ما بين مروزي وبصري ومدني.
ذكر معناه قوله: (أراني) بفتح الهمزة أي: أرى نفس فالفاعل والمفعول عبارتان عن معبر واحد، وهذا من خصائص أفعال القلوب. قال الكرماني: وفي بعض النسخ بضم الهمزة، فمعناه أظن نفسي. وقال بعضهم: ووهم من ضمها. قلت: ليس بوهم، والعبارتان تستعملان وفي رواية المستملي: (رآني) بتقديم الراء، والأول أشهر، وفي رواية مسلم من طريق علي ابن نصر الجهضمي عن صخر: (أراني في المنام)، وفي رواية الإسماعيلي: (رأيت في المنام)، فعلى هذا فهو من الرؤيا
(١٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 ... » »»