ليرتدع بذلك وفيه الرد على من زعم أن مرتكب الكبيرة كافر لثبوت النهي عن لعنه والامر بالدعاء له وفيه أن لا تنافي بين ارتكاب النهي وثبوت محبة الله ورسوله في قلب المرتكب لأنه صلى الله عليه وسلم أخبر بأن المذكور يحب الله ورسوله مع وجود ما صدر منه وأن من تكررت منه المعصية لا تنزع منه محبة الله ورسوله ويؤخذ منه تأكيدا ما تقدم أن نفي الايمان عن شارب الخمر لا يراد به زواله بالكلية بل نفي كماله كما تقدم ويحتمل أن يكون استمرار ثبوت محبة الله ورسوله في قلب العاصي مقيدا بما إذا ندم على وقوع المعصية وأقيم عليه الحد فكفر عن الذنب المذكور بخلاف من لم يقع منه ذلك فأنه يخشى عليه بتكرار الذنب أن يطبع على قلبه شئ حتى يسلب منه ذلك نسأل الله العفو والعافية وفيه ما يدل على نسخ الامر الوارد بقتل شارب الخمر إذا تكرر منه إلى الرابعة أو الخامسة فقد ذكر ابن عبد البر أنه أتى به أكثر من خمسين مرة والامر المنسوخ أخرجه الشافعي في رواية حرملة عنه وأبو داود وأحمد والنسائي والدارمي وابن المنذر وصححه ابن حبان كلهم من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة رفعه إذا سكر فاجلدوه ثم إذا سكر فاجلدوه ثم إذا سكر فاجلدوه ثم إذا سكر فاقتلوه ولبعضهم فاضربوا عنقه وله من طريق أخرى عن أبي هريرة أخرجها عبد الرزاق وأحمد والترمذي تعليقا والنسائي كلهم من رواية سهيل من أبي صالح عن أبيه عنه بلفظ إذا شربوا فاجلدوهم ثلاثا فإذا شربوا الرابعة فاقتلوهم وروى عن عاصم بن بهدلة عن أبي صالح فقال أبو بكر بن عياش عنه عن أبي صالح عن أبي سعيد كذا أخرجه ابن حبان من رواية عثمان بن أبي شيبة عن أبي بكر وأخرجه الترمذي عن أبي كريب عنه فقال عن معاوية بدل أبي سعيد وهو المحفوظ وكذا أخرجه أبو داود من رواية أبان العطار عنه وتابعه الثوري وشيبان بن عبد الرحمن وغيرهما عن عاصم ولفظ الثوري عن عاصم ثم إن شرب الرابعة فاضربوا عنقه ووقع في رواية أبان عند أبي داود ثم إن شربوا فاجلدوهم ثلاث مرات بعد الأولى ثم قال إن شربوا فاقتلوهم ثم ساقه أبو داود من طريق حميد بن يزيد عن نافع عن ابن عمر قال وأحسبه قال في الخامسة ثم إن شربها فاقتلوه قال وكذا في حديث عطيف في الخامسة قال أبو داود وفي رواية عمر بن أبي سلمة عن أبيه وسهيل بن أبي صالح عن أبيه كلاهما عن أبي هريرة في الرابعة وكذا في رواية ابن أبي نعيم عن ابن عمر وكذا في رواية عبد الله بن عمرو بن العاص والشريد وفي رواية معاوية فان عاد في الثالثة أو الرابعة فاقتلوه وقال الترمذي بعد تخريجه وفي الباب عن أبي هريرة والشريد والشرحبيل بن أوس وأبي الرمداء وجرير وعبد الله بن عمرو (قلت) وقد ذكرت حديث أبي هريرة وأما حديث الشريد وهو ابن أوس الثقفي فأخرجه أحمد والدارمي والطبراني وصححه الحاكم بلفظ إذا شرب فاضربوه وقال في آخره ثم إن عاد الرابعة فاقتلوه وأما حديث شرحبيل وهو الكندي فأخرجه أحمد والحاكم والطبراني وابن مندة في المعرفة ورواته ثقات نحو رواية الذي قبله وصححه الحاكم من وجه آخر وأما حديث أبي الرمداء وهو بفتح الراء وسكون الميم بعدها دال مهملة وبالمد وقيل بموحدة ثم ذال معجمة وهو يدري نزل مصر فأخرجه الطبراني وابن مندة وفي سنده بن لهيعة وفي سياق حديثه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالذي شرب الخمر في الرابعة أن تضرب عنقه فضربت فأفاد أن ذلك عمل به قبل النسخ فان ثبت كان فيه رد على من زعم أنه لم يعمل به وأما حديث جرير فأخرجه الطبراني والحاكم ولفظه
(٦٩)