النسفي حدثنا مسلم بن إبراهيم وهشام هو الدستوائي الحديث الثاني حديث جابر وأورده بلفظ نهى عن الزبيب والتمر والبسر والرطب وليس صريحا في النهي عن الخليط وقد بينه مسلم في روايته من طريق عبد الرزاق ويحيى القطان جميعا عن ابن جريج بلفظ لا تجمعوا بين الرطب والبسر وبين الزبيب والتمر نبيذا وأخرج أيضا من طريق الليث عن عطاء نهى أن ينبذ التمر والزبيب جميعا والرطب والبسر جميعا الحديث الثالث حديث أبي قتادة (قوله حدثنا مسلم) هو ابن إبراهيم أيضا وهشام هو الدستوائي أيضا (قوله عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه) هو الأنصاري المشهور (قوله نهى) في رواية مسلم من طريق إسماعيل بن علية عن هشام بهذا الاسناد لا تنبذوا الزهو والرطب جميعا الحديث (قوله ولينبذ كل واحد منهما) أي من كل اثنين منهما فيكون الجمع بين أكثر بطريق الأولى (قوله على حدة) بكسر المهملة وفتح الدال بعدها هاء تأنيث أي وحده ووقع في رواية الكشميهني على حدته وهذا مما يؤيد رد التأويل المذكور أولا كما بينته ولمسلم من حديث أبي سعيد من شرب منكم النبيذ فليشربه زبيبا فردا أو تمرا فردا أو بسرا فردا وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والنسائي سبب النهي من طريق الحراني عن ابن عمر قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم بسكران فضربه ثم سأله عن شرابه فقال شربت نبيذ تمر وزبيب فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا تخلطوهما فان كل واحد منهما يكفي وحده قال النووي وذهب أصحابنا وغيرهم من العلماء إلى أن سبب النهي عن الخليط أن الاسكار يسرع إليه بسبب الخلط قبل أن يشتد فيظن الشارب أنه لم يبلغ حد الاسكار ويكون قد بلغه قال ومذهب الجمهور أن النهي في ذلك للتنزيه وإنما يمتنع إذا صار مسكرا ولا تخفى علامته وقال بعض المالكية هو للتحريم واختلف في خلط نبيذ البسر الذي لم يشتد مع نبيذ التمر الذي لم يشتد عند الشرب هل يمتنع أو يختص النهي عن الخلط عند الانتباذ فقال الجمهور لا فرق وقال الليث لا بأس بذلك عند الشرب ونقل ابن التين عن الداودي أن سبب النهي أن النبيذ يكون حلوا فإذا أضيف إليه الآخر أسرعت إليه الشدة وهذه صورة أخرى كأنه يخص النهي بما إذا نبذ أحدهما ثم أضيف إليه الآخر لا ما إذا نبذا معا واختلف في الخليطين من الأشربة غير النبيذ فحكى ابن التين عن بعض الفقهاء أنه كره أن يخلط للمريض شرابين ورده بأنهما لا يسرع إليهما الاسكار اجتماعا وانفرادا وتعقب باحتمال أن يكون قائل ذلك يرى أن العلة الاسراف كما تقدم لكن يقيد كلام هذا في مسئلة المريض بما إذا كان المفرد كافيا في دواء ذلك المرض وإلا فلا مانع حينئذ من التركيب وقال ابن العربي ثبت تحريم الخمر لما يحدث عنها من السكر وجواز النبيذ الحلو الذي لا يحدث عنه سكر وثبت النهي عن الانتباذ في الأوعية ثم نسخ وعن الخليطين فاختلف العلماء فقال أحمد وإسحق وأكثر الشافعية بالتحريم ولو لم يسكر وقال الكوفيون بالحل قال واتفق علماؤنا على الكراهة لكن اختلفوا هل هو للتحريم أو للتنزيه واختلف في علة المنع فقيل لان أحدهما يشد الآخر وقيل لان الاسكار يسرع إليهما قال ولا خلاف أن العسل باللبن ليس بخليطين لان اللبن لا ينبذ لكن قال ابن عبد الحكم لا يجوز خلط شرابي سكر كالورد والجلاب وهو ضعيف قال واختلفوا في الخليطين لأجل التخليل ثم قال ويتحصل لنا أربع صور أن يكون الخليطان منصوصين فهو حرام أو منصوص ومسكوت عنه فإن كان كل منهما لو انفرد أسكر
(٦٠)