عطفا على قوله وضوء الرجل (قوله وتوضأ عمر بالحميم) أي بالماء المسخن وهذا الأثر وصله سعيد بن منصور وعبد الرزاق وغيرهما باسناد صحيح بلفظ ان عمر كان يتوضأ بالحميم ويغتسل منه ورواه ابن أبي شيبة والدارقطني بلفظ كان يسخن له ماء في قمقم ثم يغتسل منه قال الدارقطني اسناده صحيح ومناسبته للترجمة من جهة ان الغالب ان أهل الرجل تبع له فيما يفعل فأشار البخاري إلى الرد على من منع المرأة ان تتطهر بفضل الرجل لأن الظاهر أن امرأة عمر كانت تتوضأ بفضله أو معه فيناسب قوله وضوء الرجل مع امرأته أي من اناء واحد وأما مسئلة التطهر بالماء المسخن فاتفقوا على جوازه الا ما نقل عن مجاهد (قوله ومن بيت نصرانية) هو معطوف على قوله بالحميم أي وتوضأ عمر من بيت نصرانية وهذا الأثر وصله الشافعي وعبد الرزاق وغيرهما عن ابن عيينة عن زيد بن أسلم عن أبيه به ولفظ الشافعي توضأ من ماء في جرة نصرانية ولم يسمعه ابن عيينة من زيد بن أسلم فقد رواه البيهقي من طريق سعدان بن نصر عنه قال حدثونا عن زيد بن أسلم فذكره مطولا ورواه الإسماعيلي من وجه آخر عنه باثبات الواسطة فقال عن ابن زيد بن أسلم عن أبيه به وأولاد زيد هم عبد الله وأسامة وعبد الرحمن وأوثقهم وأكبرهم عبد الله وأظنه هو الذي سمع ابن عيينة منه ذلك وبهذا جزم به البخاري ووقع في رواية كريمة بحذف الواو من قوله ومن بيت وهذا الذي جرأ الكرماني أن يقول المقصود ذكر استعمال سؤر المرأة وأما الحميم فذكره لبيان الواقع وقد عرفت انهما أثران متغايران وهذا الثاني مناسب لقوله وفضل وضوء المرأة لان عمر توضأ بمائها ولم يستفصل مع جواز أن تكون تحت مسلم واغتسلت من حيض ليحل له وطؤها ففضل منه ذلك الماء وهذا وان لم يقع التصريح به لكنه محتمل وجرت عادة البخاري بالتمسك بمثل ذلك عند عدم الاستفصال وإن كان غيره لا يستدل بذلك ففيه دليل على جواز التطهر بفضل وضوء المرأة المسلمة لأنها لا تكون أسوأ حالا من النصرانية وفيه دليل على جواز استعمال مياه أهل الكتاب من غير استفصال وقال الشافعي في الام لا بأس بالوضوء من ماء المشرك وبفضل وضوئه ما لم تعلم فيه نجاسة وقال ابن المنذر انفرد إبراهيم النخعي بكراهة فضل المرأة إذا كانت جنبا (قوله حدثنا عبد الله بن يوسف) هو التنيسي أحد رواة الموطأ (قوله كان الرجال والنساء) ظاهره التعميم فاللام للجنس لا للاستغراق (قوله في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم) يستفاد منه ان البخاري يرى أن الصحابي إذا أضاف الفعل إلى زمن الرسول صلى الله عليه وسلم يكون حكمه الرفع وهو الصحيح وحكى عن قوم خلافه لاحتمال أنه لم يطلع وهو ضعيف لتوفر دواعي الصحابة على سؤالهم إياه عن الأمور التي تقع لهم ومنهم ولو لم يسألوه لم يقروا على فعل غير الجائز في زمن التشريع فقد استدل أبو سعيد وجابر على إباحة العزل بكونهم كانوا يفعلونه والقرآن ينزل ولو كان منهيا لنهى عنه القرآن وزاد ابن ماجة عن هشام بن عروة عن مالك في هذا الحديث من اناء واحد وزاد أبو داود من طريق عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر ندلي فيه أيدينا وفيه دليل على أن الاغتراف من الماء القليل لا يصيره مستعملا لان أوانيهم كانت صغارا كما صرح به الشافعي في الام في عدة مواضع وفيه دليل على طهارة الذمية واستعمال فضل طهورها وسؤرها لجواز تزوجهن وعدم التفرقة في الحديث بين المسلمة وغيرها (قوله جميعا) ظاهره انهم كانوا يتناولون الماء في حالة واحدة وحكى ابن التين عن قوم ان معناه ان الرجال والنساء كانوا يتوضؤن جميعا
(٢٥٩)