أصحابه فيجئ الغريب فلا يدرى أيهم هو فطلبنا إليه ان تجعل له مجلسا يعرفه الغريب إذا أتاه قال فبنينا له دكانا من طين كان يجلس عليه انتهى واستنبط منه القرطبي استحباب جلوس العالم بمكان يختص به ويكون مرتفعا إذا احتاج لذلك لضرورة تعليم ونحوه (قوله فاتاه رجل) أي ملك في صورة رجل وفى التفسير للمصنف إذ أتاه رجل يمشى ولابى فروة فانا الجلوس عنده إذ أقبل رجل أحسن الناس وجها وأطيب الناس ريحا كأن ثيابه لم يمسها دنس ولمسلم من طريق كهمس في حديث عمر بينما نحن ذات يوم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر وفى رواية ابن حبان سواد اللحية لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على فخديه وفى رواية لسليمان التيمي ليس عليه سحناء السفر وليس من البلد فتخطى حتى برك بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم كما يجلس أحدنا في الصلاة ثم وضع يده على ركبتي النبي صلى الله عليه وسلم وكذا في حديث ابن عباس وأبى عامر الأشعري ثم وضع يده على ركبتي النبي صلى الله عليه وسلم فأفادت هذه الرواية ان الضمير في قوله على فخذيه يعود على النبي صلى الله عليه وسلم وبه جزم البغوي وإسماعيل التيمي لهذه الرواية ورجحه الطيبى بحثا لأنه نسق الكلام خلافا لما جزم به النووي ووافقه التوربشتي لأنه حمله على أنه جلس كهيئة المتعلم بين يدي من يتعلم منه وهذا وإن كان ظاهرا من السياق لكن وضعه يديه على فخذي النبي صلى الله عليه وسلم صنيع منبه للاصغاء إليه وفيه إشارة لما ينبغي للمسئول من التواضع والصفح عما يبدو من جفاء السائل والظاهر أنه أراد بذلك المبالغة في تعمية أمره ليقوى الظن بأنه من جفاة الاعراب ولهذا تخطى الناس حتى انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم كما تقدم ولهذا استغرب الصحابة صنيعه ولأنه ليس من أهل البلد وجاء ماشيا ليس عليه أثر سفر فان قيل كيف عرف عمر أنه لم يعرفه أحد منهم أجيب بأنه يحتمل ان يكون استند في ذلك إلى ظنه أو إلى صريح قول الحاضرين قلت وهذا الثاني أولى فقد جاء كذلك في رواية عثمان بن غياث فان فيها فنظر القوم بعضهم إلى بعض فقالوا ما نعرف هذا وأفاد مسلم في رواية عمارة بن القعقاع سبب ورود هذا الحديث فعنده في أوله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم سلوني فهابوا أن يسألوه قال فجاء رجل ووقع في رواية ابن منده من طريق يزيد ابن زريع عن كهمس بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب إذ جاءه رجل فكأن أمره لهم بسؤاله وقع في خطبته وظاهره ان مجئ الرجل كان في حال الخطبة فاما ان يكون وافق انقضاءها أو كان ذكر ذلك القدر جالسا وعبر عنه الراوي بالخطبة (قوله فقال) زاد المصنف في التفسير يا رسول الله ما الايمان فان قيل فكيف بدأ بالسؤال قبل السلام أجيب بأنه يحتمل ان يكون ذلك مبالغة في التعمية لامره أو ليبين ان ذلك غير واجب أو سلم فلم ينقله الراوي قلت وهذا الثالث هو المعتمد فقد ثبت في رواية أبى فروة ففيها بعد قوله كأن ثيابه لم يمسها دنس حتى سلم من طرف البساط فقال السلام عليك يا محمد فرد عليه السلام قال أدنو يا محمد قال ادن فما زال يقول أدنو مرارا ويقول له ادن ونحوه في رواية عطاء عن ابن عمر لكن قال السلام عليك يا رسول الله وفى رواية مطر الوراق فقال يا رسول الله أدنو منك قال ادن ولم يذكر السلام فاختلفت الروايات هل قال له يا محمد أو يا رسول الله وهل سلم أولا فاما السلام فمن ذكره مقدم على من سكت عنه
(١٠٧)