(فان الله خلق آدم على صورته) فهو من أحاديث الصفات وقد سبق في كتاب الايمان بيان حكمها واضحا ومبسوطا وأن من العلماء من يمسك عن تأويلها ويقول نؤمن بأنها حق وأن ظاهرها غير مراد ولها معنى يليق بها وهذا مذهب جمهور السلف وهو أحوط وأسلم والثاني انها تتأول على حسب ما يليق بتنزيه الله تعالى وإنه ليس كمثله شئ قال المازري هذا الحديث بهذا اللفظ ثابت ورواه بعضهم ان الله خلق آدم على صورة الرحمن وليس بثابت عند أهل الحديث وكأن من نقله رواه بالمعنى الذي وقع له وغلط في ذلك قال المازري وقد غلط ابن قتيبة في هذا الحديث فأجراه على ظاهره وقال لله تعالى صورة لا كالصور وهذا الذي قاله ظاهر الفساد لأن الصورة تفيد التركيب وكل مركب محدث والله تعالى ليس بمحدث فليس هو مركبا فليس مصورا قال وهذا كقوله المجسمة جسم لا كالأجسام لما رأوا أهل السنة يقولون الباري سبحانه وتعالى شئ لا كالأشياء طردوا الاستعمال فقالوا جسم لا كالأجسام والفرق أن لفظ شئ لا يفيد الحدوث ولا يتضمن ما يقتضيه وأما جسم وصورة فيتضمنان التأليف والتركيب وذلك دليل الحدوث قال العجب من ابن قتيبة في قوله صورة لا كالصور مع أن ظاهر الحديث على رأيه يقتضي خلق آدم على صورته فالصورتان على رأيه سواء فإذا قال لا كالصور تناقض قوله ويقال له أيضا إن أردت بقولك صورة لا كالصور أنه ليس بمؤلف ولا مركب فليس بصورة حقيقة وليست اللفظة على ظاهرها وحينئذ يكون موافقا على افتقاره إلى التأويل واختلف العلماء في تأويله فقالت طائفة الضمير في صورته عائد على الأخ المضروب وهذا ظاهر رواية مسلم وقالت طائفة يعود إلى آدم وفيه ضعف وقالت طائفة يعود إلى الله تعالى ويكون المراد إضافة تشريف واختصاص كقوله تعالى ناقة الله وكما يقال في الكعبة بيت الله ونظائره والله أعلم قوله (حدثنا قتادة عن يحيى بن مالك المراغي عن أبي هريرة) المراغي بفتح الميم وبالغين المعجمة منسوب إلى المراغة بطن من الأزد
(١٦٦)