صلى الله عليه وسلم من الأخذ بأفضل الأمور والسبق إلى السخاء والجود فإن عيال النبي صلى الله عليه وسلم كانوا قريبا من عدد ضيفانه هذه الليلة فأتى بنصف طعامه أو نحوه وأتى أبو بكر رضي الله عنه بثلث طعامه أو أكثر وأتى الباقون بدون ذلك والله أعلم قوله (فإن أبا بكر تعشى عند النبي صلى الله عليه وسلم فثم لبث حتى صليت العشاء ثم رجع فلبث حتى نعس رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء) قوله نعس بفتح العين وفى هذا جواز ذهاب من عنده ضيفان إلى أشغاله ومصالحه إذا كان له من يقوم بأمورهم ويسد مسده كما كان لأبى بكر هنا عبد الرحمن رضي الله عنهما وفيه ما كان عليه أبو بكر رضي الله عنه من الحب للنبي صلى الله عليه وسلم والانقطاع إليه وإيثاره في ليله ونهاره على الأهل والأولاد والضيفان وغيرهم قوله (في الأضياف أنهم امتنعوا من الأكل حتى يحضر أبو بكر رضي الله عنه) هذا فعلوه أدبا ورفقا بأبى بكر فيما ظنوه لأنهم ظنوا أنه لا يحصل له عشاء من عشائهم قال العلماء والصواب للضيف أن لا يمتنع مما أراده المضيف من تعجيل طعام وتكثيره وغير ذلك من أمور الا أن يعلم أنه يتكلف ما يشق عليه حياء منه فيمنعه برفق ومتى شك لم يعترض عليه ولم يمتنع فقد يكون للمضيف عذر أو غرض في ذلك لا يمكنه اظهاره فتلحقه المشقة بمخالفة الأضياف كما جرى في قصة أبى بكر رضي الله عنه قوله (عن عبد الرحمن فذهبت فاختبأت وقال يا غنثر فجدع وسب) أما اختباؤه فخوفا من خصام أبيه
(١٨)