شرح مسلم - النووي - ج ١١ - الصفحة ٩٠
أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قد غلب عليه الوجع وعندكم القرآن حسبنا كتاب الله فاختلف أهل البيت فاختصموا ثم ذكر أن بعضهم أراد الكتاب وبعضهم وافق عمر وأنه لما أكثروا اللغو والاختلاف قال النبي (صلى الله عليه وسلم) قوموا أعلم أن النبي (صلى الله عليه وسلم) معصوم من الكذب ومن تغيير شئ من الأحكام الشرعية في حال صحته وحال مرضه ومعصوم من ترك بيان ما أمر ببيانه وتبليغ ما أوجب الله عليه تبليغه وليس معصوما من الأمراض والأسقام العارضة للأجسام ونحوها مما لا نقص فيه لمنزلته ولا فساد لما تمهد من شريعته وقد سحر (صلى الله عليه وسلم) حتى صار يخيل إليه أنه فعل الشئ ولم يكن فعله ولم يصدر منه (صلى الله عليه وسلم) وفي هذا الحال كلام في الأحكام مخالف لما سبق من الأحكام التي قررها فإذا علمت ما ذكرناه فقد اختلف العلماء في الكتاب الذي هم النبي (صلى الله عليه وسلم) به فقيل أراد أن ينص على الخلافة في إنسان معين لئلا يقع نزاع وفتن وقيل أراد كتابا يبين فيه مهمات الأحكام ملخصة ليرتفع النزاع فيها ويحصل الاتفاق على المنصوص عليه وكان النبي (صلى الله عليه وسلم) هم بالكتاب حين ظهر له أنه مصلحة أو أوحى إليه بذلك ثم ظهر أن المصلحة تركه أو أوحى إليه بذلك ونسخ ذلك الأمر الأول وأما كلام عمر رضي الله عنه فقد اتفق العلماء المتكلمون في شرح الحديث على أنه من دلائل فقه عمر وفضائله ودقيق نظره لأنه خشي أن يكتب (صلى الله عليه وسلم) أمورا ربما عجزوا عنها واستحقوا العقوبة عليها لأنها منصوصة لا مجال للاجتهاد فيها فقال عمر حسبنا كتاب الله لقوله تعالى ما فرطنا في الكتاب من شئ وقوله اليوم أكملت لكم دينكم فعلم أن الله تعالى أكمل دينه فأمن الضلال على الأمة وأراد الترفيه على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فكان عمر أفقه من ابن عباس وموافقة قال الإمام الحافظ أبو بكر البيهقي في أواخر كتابه دلائل النبوة إنما قصد عمر التخفيف على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حين عليه الوجع ولو كان مراده (صلى الله عليه وسلم) أن يكتب مالا يستغنون عنه لم يتركه لاختلافهم ولا لغيره لقوله تعالى به ما أنزل إليك كما لم يترك تبليغ غير ذلك لمخالفة من خالفه ومعاداة من عاداه وكما أمر في ذلك الحال باخراج اليهود من جزيرة العرب وغير ذلك مما ذكر في الحديث قال البيهقي وقد حكى سفيان بن عيينة عن أهل العلم قبله أنه (صلى الله عليه وسلم) أراد أن يكتب استخلاف أبي بكر رضي الله عنه ثم ترك ذلك اعتمادا على ما علمه من تقدير الله
(٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب تحريم بيع الخمر 2
2 تحريم الميتة والخنزير والأصنام 6
3 باب الربا 8
4 باب أخذ الحلال وترك الشبهات 27
5 بيع البعير واستثناء ركوبه 30
6 جواز اقتراض الحيوان 36
7 جواز بيع الحيوان بالحيوان متفاضلا 39
8 الرهن وجوازه في الحضر كالسفر 39
9 باب السلم 41
10 تحريم الاحتكار في الأقوات 43
11 النهي عن الحلف في البيع 44
12 باب الشفعة 45
13 باب غرز الخشب في جدار الجار 47
14 تحريم الظلم وغصب الأرض وغيرها 48
15 كتاب الفرائض 51
16 كتاب الهبات 62
17 تحريم الرجوع في الصدقة والهبة بعد القبض 64
18 كراهة تفضيل بعض الأولاد في الهبة 65
19 باب العمرى 69
20 كتاب الوصية 74
21 وصول ثواب الصدقات إلى الميت 83
22 ما يلحق الانسان من الثواب بعد وفاته 85
23 باب الوقف 86
24 كتاب النذر 96
25 كتاب الايمان 104
26 النهي عن الحلف بغير الله 104
27 ندب من حلف يمينا فرأى غيرها خيرا منها أن يأتي الذي هو خير ويكفر عن يمينه 108
28 اليمين على نية المستحلف 117
29 الاستثناء في اليمين وغيرها 118
30 نذر الكافر وما يفعل فيه إذا أسلم 124
31 صحبة المماليك 127
32 جواز بيع المدبر 141
33 كتاب القسامة 143
34 باب حكم المحاربين والمرتدين 153
35 ثبوت القصاص في القتل بالحجر وغيره وقتل الرجل بالمرأة 157
36 من أتلف عضو الصائل في سبيل الدفاع عن النفس 159
37 اثبات القصاص في الأسنان وما في معناها 162
38 ما يباح به دم المسلم 164
39 بيان اثم من سن القتل 166
40 تغليظ تحريم الدماء والاعراض والأموال 167
41 صحة الاقرار بالقتل 172
42 دية الجنين ووجوب الدية في قتل الخطأ 175
43 كتاب الحدود 180
44 حد السرقة ونصابها 180
45 قطع السارق الشريف وغيره والنهي عن الشفاعة في الحدود 186
46 باب حد الزنا 188
47 حد الخمر 215
48 قدر أسواط التعزير 221
49 باب الحدود كفارات لأهلها 222
50 جرح العجماء والمعدن والبئر جبار 225