بعد أن حلبها ردها وصاعا من تمر سواء كان اللبن قليلا أو كثيرا سواء كانت ناقة أو شاة أو بقرة هذا مذهبنا وبع قال مالك والليث وابن أبي ليلى وأبو يوسف وأبو ثور وفقهاء المحدثين وهو الصحيح الموافق للسنة وقال بعض أصحابنا يرد صاعا من قوت البلد ولا يختص بالتمر وقال أبو حنيفة وطائفة من أهل العراق وبعض المالكية ومالك في رواية غريبة عنه يردها ولا يرد صاعا من تمر لأن الأصل أنه إذا أتلف شيئا لغيره رد مثله إن كان مثليا والا فقيمته واما جنس آخر من العروض فخلاف الأصول وأجاب الجمهور عن هذا بأن السنة إذا وردت لا يعترض عليها بالمعقول وأما الحكمة في تقييده بصاع التمر فلأنه كان غالب قوتهم في ذلك الوقت فاستمر حكم الشرع على ذلك وإنما لم يجب مثله ولا قيمته بل وجب صاع في القليل والكثير ليكون ذلك حدا يرجع إليه ويزول به التخاصم وكان صلى الله عليه وسلم حريصا على رفع الخصام والمنع من كل ما هو سبب له وقد يقع بيع المصراة في البوادي والقرى وفي مواضع لا يوجد من يعرف القيمة ويعتمد قوله فيها وقد يتلف اللبن ويتنازعون في قتله وكثرته وفي عينه فجعل الشرع لهم ضابطا لا نزاع معه وهو صاع تمر ونظير هذا الدية فإنها مائة بعير ولا يختلف باختلاف حال القتيل قطعا للنزاع ومثله الغرة في الجناية على الجنين سواء كان ذكرا أو أنثى تام الخلق أو ناقصه جميلا كان أو قبيحا ومثله الجبران في الزكاة بين الشيئين جعله الشرع شاتين أو عشرين درهم قطعا للنزاع سواء كان التفاوت بينهما قليلا أو كثيرا وقد ذكر الخطابي وآخرون نحو هذا المعنى والله أعلم فإن قيل كيف يلزم المشترى رد عوض اللبن مع أن الخراج بالضمان
(١٦٧)