هذه) فيه دلالة لما قاله الشافعي وموافقوه أنه يستحب لمن وصل منى راكبا أن يرمي جمرة العقبة يوم النحر راكبا ولو رماها ماشيا جاز وأما من وصلها ماشيا فيرميها ماشيا وهذا في يوم النحر وأما اليومان الأولان من أيام التشريق فالسنة أن يرمي فيه جميع الجمرات ماشيا وفي اليوم الثالث يرمي راكبا وينفر هذه كله مذهب مالك والشافعي وغيرهما وقال أحمد وإسحاق يستحب يوم النحر أن يرمي ماشيا قال ابن المنذر وكان ابن عمر وابن الزبير وسالم يرمون مشاة قال وأجمعوا على أن الرمي يجزيه على أي حال رماه إذا وقع في المرمى وأما قوله صلى الله عليه وسلم (لتأخذوا مناسككم (فهذه اللام لام الأمر ومعناه خذوا مناسككم وهكذا وقع في رواية غير مسلم وتقديره هذه الأمور التي أتيت بها في حجتي من الأقوال والأفعال والهيئات هي أمور الحج وصفته وهي مناسككم فخذوها عني واقبلوها وحفظوها واعملوا بها وعلموها الناس وهذا الحديث أصل عظيم في مناسك الحج وهو نحو قوله صلى الله عليه وسلم في الصلاة صلوا كما رأيتموني أصلي وقوله صلى الله عليه وسلم (لعلي لا أحج بعد حجتي هذه) فيه إشارة إلى توديعهم واعلامهم بقرب وفاته صلى الله عليه وسلم وحثهم على الاعتناء بالأخذ عنه وانتهاز الفرصة من ملازمته وتعلم أمور الدين وبهذا سميت حجة الوداع والله أعلم قولها (حججت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع فرأيته حين رمى جمرة العقبة وانصرف وهو على راحلته ومعه بلال وأسامة أحدهما يقود به راحلته والآخر يرفع ثوبه على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم من الشمس) فيه جواز تسميتها حجة الوداع وقد سبق أن من الناس من أنكر
(٤٥)