والطير وفي الرواية الثانية يتركون المدينة على خير ما كانت لا يغشاها إلا العوافي يريد عوافي السباع والطير ثم يخرج راعيان من مزينة يريدان المدينة ينعقان بغنمها فيجدانها وحشا حتى إذا بلغا ثنية الوداع خرا على وجوههما أما العوافي فقد فسرها في الحديث بالسباع والطير وهو صحيح في اللغة مأخوذ من عفوته إذا أتيته تطلب معروفه وأما معنى الحديث فالظاهر المختار أن هذا الترك للمدينة يكون في آخر الزمان عند قيام الساعة وتوضحه قصة الراعبين من مزينة فإنهما يخران على وجوههما حين تدركهما الساعة وهما آخر من يحشر كما ثبت في صحيح البخاري فهذا هو الظاهر المختار وقال القاضي عياض هذا فما جرى في العصر الأول وانقضى قال وهذا من معجزاته صلى الله عليه وسلم فقد تركت المدينة على أحسن ما كانت حين انتقلت الخلافة عنها إلى الشام والعراق وذلك الوقت أحسن ما كانت الدين والدنيا أما الدين فلكثرة العلماء وكمالهم وأما الدنيا فلعمارتها وغرسها واتساع حال أهلها قال وذكر الأخباريون في بعض الفتن التي جرت بالمدينة وخاف أهلها أنه رحل عنها أكثر الناس وبقيت ثمارها أو أكثرها للعوافى وخلت مدة ثم تراجع الناس إليها قال وحالها اليوم قريب من هذا وقد خرجت أطرافها هذا كلام القاضي والله أعلم ومعنى ينعقان بغنمهما يصيحان قوله صلى الله عليه وسلم (فيجدانها وحشا) وفي رواية البخاري
(١٦٠)