المهاجر بمكة بعد قضاء نسكه ثلاثا وفي رواية للمهاجر إقامة ثلاث بعد الصدر بمكة كأنه يقول لا يزيد عليها معنى الحديث أن الذين هاجروا من مكة قبل الفتح إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم عليهم استيطان مكة والإقامة بها ثم أبيح لهم إذا وصلوها بحج أو عمرة أو غيرهما أن يقيموا بعد فراغهم ثلاثة أيام ولا يزيدوا على الثلاثة واستد أصحابنا وغيرهم بهذا الحديث على أن إقامة ثلاثة ليس لها حكم الإقامة بل صاحبها في حكم المسافر قالوا فإذا نوى المسافر الإقامة في بلد ثلاثة أيام غير يوم الدخول ويوم الخروج جاز له الترخص برخص السفر من القصر والفطر وغيرهما من رخصة ولا يصير له حكم المقيم والمراد بقوله صلى الله عليه وسلم (يقيم المهاجر بعد قضاء نسكه ثلاثة) أي بعد رجوعه من منى كما قال في الرواية الأخرى (بعد الصدر) أي الصدر من منى وهذا كله قبل طواف الوداع وفي هذا دلالة لأصح الوجهين عند أصحابنا أن طواف الوداع ليس من مناسك الحج بل هو عبادة مستقلة أمر بها من أراد الخروج من مكة لا أنه نسك من مناسك الحج ولهذا لا يؤمر به المكي ومن يقيم بها وموضع الدلالة قوله صلى الله عليه وسلم بعد قضاء نسكه والمراد قبل طواف الوداع كما ذكرنا فإن طواف الوداع لا إقامة بعده ومتى أقام بعده خرج عن كونه طواف وداع فسماه قبله قاضيا لمناسكه والله أعلم قال القاضي عياض رحمه الله في هذا الحديث حجة لمن منع المهاجر قبل الفتح من المقام بمكة بعد الفتح قال وهو قول الجمهور وأجاز له جماعة بعد الفتح مع الاتفاق على وجوب الهجرة عليهم قبل الفتح ووجوب سكنى المدينة لنصرة
(١٢٢)