الفرض قاعدا لعجزه عن القيام أو مضطجعا لعجزه عن القيام والقعود فثوابه كثوابه قائما لم ينقص باتفاق أصحابنا فيتعين حمل الحديث في تنصيف الثواب على من صلى النفل قاعدا مع قدرته على القيام هذا تفصيل مذهبنا وبه قال الجمهور في تفسير هذا الحديث وحكاه القاضي عياض عن جماعة منهم الثوري وابن الماجشون وحكى عن الباجي من أئمة المالكية أنه حمله على المصلى فريضة لعذر أو نافلة لعذر أو لغير عذر قال وحمله بعضهم على من له عذر يرخص في القعود في الفرض والنفل ويمكنه القيام بمشقة وأما قوله صلى الله عليه وسلم لست كأحد منكم فهو عند أصحابنا من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم فجعلت نافلته قاعدا مع القدرة على القيام كنافلته قائما تشريفا له كما خص بأشياء معروفة في كتب أصحابنا وغيرهم وقد استقصيتها في أول كتاب تهذيب الأسماء واللغات وقال القاضي عياض معناه أن النبي صلى الله عليه وسلم لحقه مشقة من القيام لحطم الناس وللسن فكان أجره تاما بخلاف غيره ممن لا عذر له هذا كلامه وهو ضعيف أو باطل لأن غيره صلى الله عليه وسلم إن كان معذورا فثوابه أيضا كامل وإن كان قادرا على القيام فليس هو كالمعذور فلا يبقى فيه تخصيص فلا يحسن على هذا التقدير لست كأحد منكم واطلاق هذا القول فالصواب ما قاله أصحابنا أن نافلته صلى الله عليه وسلم قاعدا مع القدرة على القيام ثوابها كثوابه قائما وهو من الخصائص والله أعلم واختلف العلماء في الأفضل من كيفية القعود موضع القيام في النافلة وكذا في الفريضة إذا عجز وللشافعي قولان أظهرهما يقعد مفترشا والثاني متربعا وقال بعض أصحابنا متوركا وبعض أصحابنا ناصبا ركبته وكيف قعد جاز لكن الخلاف في الأفضل والأصح عندنا جواز التنفل مضطجعا للقادر على القيام والقعود للحديث الصحيح في البخاري ومن صلى قائما فله نصف أجر القاعد وإذا صلى مضطجعا فعلى يمينه فإن كان على يساره جاز وهو خلاف الأفضل فإن استلقى مع امكان الاضطجاع لم يصح قيل الأفضل مستلقيا وأنه إذا اضطجع لا يصح والصواب الأول والله أعلم
(١٥)