(الذي كلمه الله تكليما) هذا باجماع أهل السنة على ظاهره وأن الله تعالى كلم موسى حقيقة كلاما سمعه بغير واسطة ولهذا أكد بالمصدر والكلام صفة ثابتة لله تعالى لا يشبه كلام غيره قوله في عيسى (روح الله وكلمته) تقدم الكلام في معناه في أوائل كتاب الايمان قوله صلى الله عليه وسلم (ائتوا محمدا صلى الله عليه وسلم عبدا قد غفر اله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر) هذا مما اختلف العلماء في معناه قال القاضي قيل المتقدم ما كان قبل النبوة والمتأخر عصمتك بعدها وقيل المراد به ذنوب أمته صلى الله عليه وسلم قلت فعلى هذا يكون المراد الغفران لبعضهم أو سلامتهم من الخلود في النار وقيل المراد ما وقع منه صلى الله عليه وسلم عن سهو وتأويل حكاه الطبري واختاره القشيري وقيل ما تقدم لأبيك آدم وما تأخر من ذنوب أمتك وقيل المراد أنه مغفور لك غير مؤاخذ بذنب لو كان وقيل هو تنزيه له من الذنوب صلى الله عليه وسلم والله أعلم قوله صلى الله عليه وسلم (فيأتوني فأستأذن على ربى فيؤذن لي) قال القاضي عياض رحمه الله تعالى معناه والله أعلم فيؤذن لي في الشفاعة الموعود بها والمقام المحمود الذي ادخره الله تعالى له وأعلمه أنه يبعثه فيه قال القاضي وجاء في حديث أنس وحديث أبي هريرة ابتداء النبي صلى الله عليه وسلم بعد سجوده وحمده والاذن له في الشفاعة بقوله أمتي أمتي وقد جاء في حديث حذيفة بعد هذا في هذا الحديث نفسه قال فيأتون محمدا صلى الله عليه وسلم فيقوم ويؤذن له وترسل الأمانة والرحم فيقومان جنبتي الصراط يمينا وشمالا فيمر أولهم كالبرق وساق الحديث وبهذا يتصل الحديث لأن هذه هي الشفاعة التي لجأ الناس إليه فيها وهي الإراحة من الموقف والفصل بين العباد ثم بعد ذلك حلت الشفاعة في أمته
(٥٧)