وغيرهما رضي الله عنهم لا كبيرة مع استغفار ولا صغيرة مع اصرار معناه أن الكبيرة تمحى بالاستغفار والصغيرة تصير كبيرة بالاصرار قال الشيخ أبو محمد بن عبد السلام في حد الاصرار هو أن تتكرر منه الصغيرة تكرارا يشعر بقلة مبالاته بدينه اشعار ارتكاب الكبيرة بذلك قال وكذلك إذا اجتمعت صغائر مختلفة الأنواع بحيث يشعر مجموعها بما يشعر به أصغر الكبائر وقال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح رحمه الله المصر من تلبس من أضداد التوبة باسم العزم على المعاودة أو باستدامة الفعل بحيث يدخل به ذنبه في حيز ما يطلق عليه الوصف بصيرورته كبيرا عظيما وليس لزمان ذلك وعدده حصر والله أعلم هذا مختصر ما يتعلق بضبط الكبيرة وأما قوله قال ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ثلاثا فمعناه قال هذا الكلام ثلاث مرات وأما عقوق الوالدين فهو مأخوذ من العق وهو القطع وذكر الأزهري أنه يقال عق والده يعقه بضم العين عقا وعقوقا إذا قطعه ولم يصل رحمه وجمع العاق عققة بفتح الحروف كلها وعقق بضم العين والقاف وقال صاحب المحكم رجل عقق وعقق وعق وعاق بمعنى واحد وهو الذي شق عصا الطاعة لوالده هذا قول أهل اللغة وأما حقيقة العقوق المحرم شرعا فقل من ضبطه وقد قال الشيخ الإمام أبو محمد بن عبد السلام رحمه الله لم أقف في عقوق الوالدين وفيما يختصان به من الحقوق على ضابط أعتمده فإنه لا يجب طاعتهما في كل ما يأمران به وينهيان عنه باتفاق العلماء وقد حرم على الولد الجهاد بغير اذنهما لما يشق عليهما من توقع قتله أو قطع عضو من أعضائه ولشدة تفجعهما على ذلك وقد ألحق بذلك كل سفر يخافان فيه على نفسه أو عضو من أعضائه هذا كلام الشيخ أبى محمد وقال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح رحمه الله في فتاويه العقوق المحرم كل فعل يتأذى به الوالد أو نحوه تأذيا ليس بالهين مع كونه ليس من الأفعال الواجبة قال وربما قيل طاعة الوالدين واجبة في كل ما ليس بمعصية ومخالفة أمرهما في ذلك عقوق وقد أوجب كثير من العلماء طاعتهما في الشبهات قال وليس قول من قال من علمائنا يجوز له السفر في طلب العلم وفى التجارة بغير اذنهما مخالفا لما ذكرته فان هذا كلام مطلق وفيما ذكرته بيان لتقييد ذلك المطلق والله أعلم وأما قوله صلى الله عليه وسلم ألا أنبئكم بأكبر الكبائر قول الزور أو شهادة الزور فليس على ظاهره المتبادر إلى الافهام منه وذلك لأن الشرك أكبر منه بلا شك وكذا القتل فلا بد من
(٨٧)