وأفضلهم ويراد انه من أعقلهم وأفضلهم ومن ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم خيركم خيركم لأهله ومعلوم أنه لا يصير ذلك خير الناس مطلقا ومن ذلك قولهم أزهد الناس في العالم جيرانه وقد يوجد في غيرهم من هو أزهد منهم فيه هذا كلام القفال رحمه الله وعلى هذا الوجه الثاني يكون الايمان أفضلها مطلقا والباقيات متساوية في كونها من أفضل الأعمال والأحوال ثم يعرف فضل بعضها على بعض بدلائل تدل عليها وتختلف باختلاف الأحوال والأشخاص فان قيل فقد جاء في بعض هذه الروايات أفضلها كذا ثم كذا بحرف ثم وهي موضوعة للترتيب فالجواب ان ثم هنا للترتيب في الذكر كما قال تعالى أدراك ما العقبة فك رقبة أو إطعام في يوم ذي مسغبة يتيما ذا مقربة أو مسكينا ذا متربة ثم كان من الذين آمنوا ومعلوم أنه ليس المراد هنا الترتيب في الفعل وكما قال تعالى تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ان لا تشركوا به شيئا وبالوالدين احسانا ولا تقتلوا إلى قوله آتينا موسى الكتاب وقوله تعالى ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم ونظائر ذلك كثيرة وأنشدوا فيه قل لمن ساد ثم ساد أبوه * ثم قد ساد قبل ذلك جده وذكر القاضي عياض في الجمع بينهما وجهين أحدهما نحو الأول من الوجهين اللذين حكيناهما قال قيل اختلف الجواب لاختلاف الأحوال فأعلم كل قوم بما بهم حاجة إليه أو بما لم يكلموه بعد من دعائم الاسلام ولا بلغهم علمه والثاني أنه قدم الجهاد على الحج لأنه كان أول الاسلام ومحاربة أعدائه والجد في إظهاره وذكر صاحب التحرير هذا الوجه الثاني ووجها آخر أن ثم لا تقتضي ترتيبا وهذا قول شاذ عند أهل العربية والأصول ثم قال صاحب التحرير والصحيح أنه محمول على الجهاد في وقت الزحف الملجئ والنفير العام فإنه حينئذ يحب الجهاد على الجميع وإذا كان هكذا فالجهاد أولى بالتحريض والتقديم من الحج لما في الجهاد من المصلحة العامة للمسلمين مع أنه متعين متضيق في هذا الحال بخلاف الحج والله أعلم وأما قوله صلى الله عليه وسلم وقد سئل أي الاعمال أفضل فقال ايمان بالله ورسوله ففيه تصريح بأن العمل يطلق على الايمان والمراد به والله أعلم الايمان الذي يدخل به في ملة الاسلام وهو التصديق بقلبه والنطق بالشهادتين فالتصديق عمل القلب والنطق عمل اللسان ولا يدخل في الايمان ههنا الاعمال بسائر الجوارح كالصوم والصلاة والحج والجهاد وغيرها لكونه جعل قسما للجهاد والحج ولقوله صلى الله عليه وسلم
(٧٨)