شرح مسلم - النووي - ج ٢ - الصفحة ٣٣
من جملة المخاطبين بذلك فهم اذن غيرهم وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم جاء أهل اليمن وإنما جاء حينئذ غير الأنصار ثم أنه صلى الله عليه وسلم وصفهم بما يقضى بكمال ايمانهم ورتب عليه الايمان يمان فكان ذلك إشارة للايمان إلى من أتاه من أهل اليمن لا إلى مكة والمدينة ولا مانع من اجراء الكلام على ظاهره وحمله على أهل اليمن حقيقة لان من اتصف بشئ وقرى قيامه به وتأكد اطلاعه منه ينسب ذلك الشئ إليه اشعارا بتميزه به وكمال حاله فيه وهكذا كان حال أهل اليمن حينئذ في الايمان وحال الوافدين منه في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم وفى أعقاب موته كأويس القرني وأني مسلم الخولاني رضي الله عنهما وشبههما ممن سلم قلبه وقوى ايمانه فكانت نسبة الايمان إليهم لذلك اشعارا بكمال ايمانهم من غير أن يكون في ذلك نفى له عن غيرهم فلا منافاة بينه وبين قوله صلى الله عليه وسلم الايمان في أهل الحجاز ثم المراد بذلك الموجودون منهم حينئذ لا كل أهل اليمن في كل زمان فان اللفظ لا يقتضيه هذا هو الحق في ذلك ونشكر الله تعالى على هدايتنا له والله أعلم قال وأما ما ذكر من الفقه والحكمة فالفقه هنا عبارة عن الفهم في الدين واصطلح بعد ذلك الفقهاء وأصحاب الأصول على تخصيص الفقه بادراك الأحكام الشرعية العملية بالاستدلال على أعيانها وأما الحكمة ففيها أقوال كثيرة مضطربة قد اقتصر كل من قائليها على بعض صفات الحكمة وقد صفا لنا منها أن الحكمة عبارة عن العلم المتصف بالأحكام المشتمل على المعرفة بالله تبارك وتعالى المصحوب بنفاذ البصيرة وتهذيب النفس وتحقيق الحق والعمل به والصد عن اتباع الهوى والباطل والحكيم من له ذلك وقال أبو بكر بن دريد كل كلمة وعظتك وزجرتك أودعتك إلى مكرمة أو نهتك عن قبيح فهي حكمة وحكم ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم ان من الشعر حكمة وفى بعض الروايات حكما والله أعلم قال الشيخ وقوله صلى الله عليه وسلم يمان ويمانية هو بتخفيف الياء عند جماهير أهل العربية لأن الألف المزيدة فيه عوض من ياء النسب المشددة فلا يجمع بينهما وقال ابن السيد في كتابه الاقتضاب حكى المبرد وغيره أن التشديد لغة قال الشيخ وهذا غريب قلت وقد حكى الجوهري وصاحب المطالع وغيرهما من العلماء عن سيبويه أنه حكى عن بعض العرب أنهم يقولون اليماني بالياء المشددة وأنشد لأمية بن خلف يمانيا يظل يشب كيرا * وينفخ دائما لهب الشواظ والله أعلم قال الشيخ وقوله صلى الله عليه وسلم ألين قلوبا وأرق أفئدة المشهور أن
(٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب الدليل على أن من رضي بالله ربا وبالاسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا فهو مؤمن وان ارتكب المعاصي الكبائر 2
2 باب بيان عدد شعب الايمان وأفضلها وأدناها وفضيلة الحياء و كونه من الايمان 3
3 باب جامع أوصاف الاسلام 8
4 باب بيان تفاضل الاسلام وأي أموره أفضل 9
5 باب بيان خصال من اتصف بهن وجد حلاوة الايمان 13
6 باب وجوب محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من الاهل 15
7 باب الدليل على أن من خصال الايمان أن يحب لأخيه المسلم ما يحب لنفسه 16
8 باب بيان تحريم ايذاء الجار 17
9 باب الحث على اكرام الجار والضيف ولزوم الصمت إلا عن الخير 18
10 باب بيان كون النهي عن المنكر من الايمان وأن الايمان يزيد وينقص 21
11 باب تفاضل أهل الايمان فيه ورجحان أهل اليمن فيه 29
12 باب بيان أنه لا يدخل الجنة لا المؤمنون 35
13 باب بيان أن الدين النصيحة 37
14 باب بيان نقصان الايمان بالمعاصي 41
15 باب بيان خصال المنافق 46
16 باب بيان حال ايمان من قال لأخيه المسلم يا كافر 49
17 باب بيان قول النبي صلى الله عليه وسلم سباب المسلم فسوق وقتاله كفر 53
18 باب اطلاق اسم الكفر على الطعن في النسب والنياحة 57
19 باب تسمية العبد الآبق كافرا 57
20 باب بيان كفر من قال مطرنا بالنوء 59
21 باب الدليل على أن حب الأنصار وعلي رضي الله عنهم من الايمان 63
22 باب بيان نقصان الايمان بنقص الطاعات 65
23 باب بيان اطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة 69
24 باب بيان كون الايمان بالله تعالى أفضل الأعمال 72
25 باب بيان كون الشرك أقبح الذنوب وبيان أعظمها بعده 79
26 باب الكبائر وأكبرها 81
27 باب تحريم الكبر وبيانه 89
28 باب الدليل على أن من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة 92
29 باب تحريم قتل الكافر بعد قوله لا اله الا الله 98
30 باب قول النبي صلى الله عليه وسلم من حمل عينا السلاح فليسر منا 107
31 باب قول النبي صلى الله عليه وسلم من غشنا فليس منا 108
32 باب تحريم ضرب الخدود وشق الجيوب والدعاء بدعوى الجاهلية 109
33 باب بيان غلظ تحريم النميمة 112
34 باب بيان غلظ تحريم اسبال الازار والمن بالعطية 114
35 باب بيان غلظ تحريم الغلول وأنه لا يدخل الجنة الا المؤمنون 127
36 باب الدليل على أن قاتل نفسه لا يكفر 130
37 باب في الريح التي تكون قرب القيامة 132
38 باب الحث على المبادرة بالاعمال ومخافة المؤمن أن يحبط عمله 133
39 باب هل يؤاخذ بأعمال الجاهلية 135
40 باب كون الاسلام يهدم ما قبله وكذا الحج والهجرة 136
41 باب بيان حكم عمل الكافر إذا أسلم بعده 140
42 باب صدق الايمان و اخلاصه 143
43 باب بيان تجاوز الله تعالى عن حديث النفس 144
44 باب بيان الوسوسة في الايمان وما يقوله من وجدها 153
45 باب وعيد من اقتطع حق مسلم بيمين فاجرة بالنار 157
46 باب الدليل على أن من قصد أخذ مال غيره بغير حق كان مهدر الدم 163
47 باب استحقاق الوالي الغاش لرعيته النار 165
48 باب رفع الأمانة والايمان من بعض القلوب 167
49 باب بيان أن الاسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا 175
50 باب ذهاب الايمان آخر الزمان 178
51 باب تألف قلب من يخاف على ايمانه لضعفه 180
52 باب وجوب الايمان برسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم 182
53 باب بيان نزول عيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم حاكما 189
54 باب بيان الزمن الذي لا يقبل فيه الايمان 194
55 باب بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم 197
56 الاسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم وفرض الصلوات 209
57 باب ذكر المسيح ابن مريم عليه السلام والمسيح الدجال 223