صلى الله عليه وسلم فقال أحصوا لي كم يلفظ الاسلام فقلنا يا رسول الله أتخاف علينا ونحن ما بين الستمائة إلى السبعمائة قال إنكم لا تدرون لعلكم أن تبتلوا قال فابتلينا حتى جعل الرجل منا لا يصلى الا سرا) هذا الاسناد كله كوفيون وأما متنه فقوله صلى الله عليه وسلم (أحصوا) معناه عدوا وقد جاء في رواية البخاري اكتبوا وقوله صلى الله عليه وسلم (كم يلفظ الاسلام) هو بفتح الياء المثناة من تحت والاسلام منصوب مفعول يلفظ باسقاط حرف الجر أي يلفظ بالاسلام ومعناه كم عدد من يتلفظ بكلمة الاسلام وكم هنا استفهامية ومفسرها محذوف وتقديره كم شخصا يلفظ بالاسلام وفى بعض الأصول تلفظ بتاء مثناة من فوق وفتح اللام والفاء المشددة وفى بعض الروايات للبخاري وغيره اكتبوا من يلفظ بالاسلام فكتبنا وفى رواية النسائي وغيره أحصوا لي من كان يلفظ بالاسلام وفى رواية أبى يعلى الموصلي أحصوا كل من تلفظ بالاسلام وأما قوله ونحن ما بين الستمائة إلى السبعمائة فكذا وقع في مسلم وهو مشكل من جهة العربية وله وجه وهو أن يكون مائة في الموضعين منصوبا على التمييز على قول بعض أهل العربية وقيل أن مائة في الموضعين مجرورة على أن تكون الألف واللام زائدتين فلا اعتداد بدخولهما ووقع في رواية غير مسلم ستمائة إلى سبعمائة وهذا ظاهر لا اشكال فيه من جهة العربية ووقع في رواية البخاري فكتبنا له ألفا وخمسمائة فقلنا تخاف ونحن ألف وخمسمائة وفى رواية للبخاري أيضا فوجدناهم خمسمائة وقد يقال وجه الجمع بين هذه الألفاظ أن يكون قولهم ألف وخمسمائة المراد به النساء والصبيان والرجال ويكون قولهم ستمائة إلى سبعمائة الرجل خاصة ويكون خمسمائة المراد به المقاتلون ولكن هذا الجواب باطل برواية البخاري في أواخر كتاب السير في باب كتابة الامام الناس قال فيها فكتبنا له ألفا وخمسمائة رجل والجواب الصحيح إن شاء الله تعالى أن يقال لعلهم أرادوا بقولهم ما بين الستمائة إلى السبعمائة رجال المدينة خاصة وبقولهم فكتبنا له ألفا وخمسمائة هم مع المسلمين حولهم وأما قوله ابتلينا فجعل الرجل لا يصلى الا سرا فلعله كان في بعض الفتن التي جرت
(١٧٩)