قال القاضي ثم صارت في عرف الكلام لكل امر كشفه الاختبار عن سوء قال أبو زيد فتن الرجل يفتن فتونا إذا وقع في الفتنة وتحول من حال حسنة إلى سيئة وفتنة الرجل في أهله وماله وولده ضروب من فرط محبته لهم وشحه عليهم وشغله بهم عن كثير من الخير كما قال تعالى أموالكم وأولادكم فتنة أو لتفريطه بما يلزم من القيام بحقوقهم وتأديبهم وتعليمهم فإنه راع لهم ومسئول عن رعيته وكذلك فتنة الرجل في جاره من هذا فهذه كلها فتن تقتضي المحاسبة ومنها ذنوب يرجى تكفيرها بالحسنات كما قال تعالى الحسنات يذهبن السيئات وقوله (التي تموج كما يموج البحر) أي تضطرب ويدفع بعضها بعضا وشبهها بموج البحر لشدة عظمها وكثرة شيوعها وقوله (فأسكت القوم) هو بقطع الهمزة المفتوحة قال جمهور أهل اللغة سكت وأسكت لغتان بمعنى صمت وقال الأصمعي سكت صمت وأسكت أطرق وإنما سكت القوم لأنهم لم يكونوا يحفظون هذا النوع من الفتنة وإنما حفظوا النوع الأول وقوله (لله أبوك) كلمة مدح تعتاد العرب الثناء بها فان الإضافة إلى العظيم تشريف ولهذا يقال بيت الله وناقة الله قال صاحب التحرير فإذا وجد من الولد ما يحمد قيل له لله أبوك حيث أتى بمثلك وقوله صلى الله عليه وسلم (تعرض الفتن على القلوب كالحصير عودا عودا) هذان الحرفان مما اختلف في ضبطه على ثلاثة أوجه أظهرها وأشهرها عودا بضم العين وبالدال المهملة والثاني بفتح العين وبالدال المهملة أيضا والثالث بفتح العين وبالذال المعجمة ولم يذكر صاحب التحرير غير الأول وأما القاضي عياض فذكر هذه الأوجه الثلاثة عن أئمتهم واختار الأول أيضا قال واختار شيخنا أبو الحسين بن سراج فتح العين والدال المهملة قال ومعنى تعرض أنها تلصق بعرض القلوب أي جانبها كما يلصق الحصير بجنب النائم ويؤثر فيه شدة التصاقها به قال ومعنى عودا عودا أي تعاد وتكرر شيئا بعد شئ قال ابن سراج ومن رواه بالذال المعجمة فمعناه سؤال الاستعاذة منها كما يقال غفرا غفرا وغفرانك أي نسألك أن تعيذنا من
(١٧١)