عيسى بن مساور فرواه عن الوليد عن الأوزاعي عن حميد بن عبد الرحمن عن عبيد الله بن الخيار عن المقداد لم يذكر فيه إبراهيم بن مرة وجعل مكان عطاء بن يزيد حميد بن عبد الرحمن ورواه الفريابي عن الأوزاعي عن إبراهيم بن مرة عن الزهري مرسلا عن المقداد قال أبو علي الجياني الصحيح في اسناد هذا الحديث ما ذكره مسلم أولا من رواية الليث ومعمر ويونس وابن جريج وتابعهم صالح بن كيسان هذا آخر كلام القاضي عياض رحمه الله قلت وحاصل هذا الخلاف والاضطراب إنما هو في رواية الوليد بن مسلم عن الأوزاعي وأما رواية الليث ومعمر ويونس وابن جريج فلا شك في صحتها وهذه الروايات هي المستقلة بالعمل وعليها الاعتماد واما رواية الأوزاعي فذكرها متابعة وقد تقرر عندهم أن المتابعات يحتمل فيها ما فيه نوع ضعف لكونها الاعتماد عليها وإنما هي لمجرد الاستئناس فالحاصل ان هذا الاضطراب الذي في رواية الوليد عن الأوزاعي لا يقدح في صحة أصل هذا الحديث فلا خلاف في صحته وقد قدمنا أن أكثر استدراكات الدارقطني من هذا النحو ولا يؤثر ذلك في صحة المتون وقدمنا أيضا في الفصول اعتذار مسلم رحمه الله عن نحو هذا بأنه ليس الاعتماد عليه والله أعلم وأما معاني الأحاديث وفقهها فقوله صلى الله عليه وسلم في الذي قال لا إله الا الله لا تقتله فان قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله وانك بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال اختلف في معناه فأحسن ما قيل فيه وأظهره ما قاله الإمام الشافعي وابن القصار المالكي وغيرهما أن معناه فإنه معصوم الدم محرم قتله بعد قوله لا إله الا الله كما كنت أنت قبل أن تقتله وانك بعد قتله غير معصوم الدم ولا محرم القتل كما كان هو قبل قوله لا إله الا الله قال ابن القصار يعنى لولا عذرك بالتأويل المسقط للقصاص عنك قال القاضي وقيل معناه انك مثله في مخالفة الحق وارتكاب الاثم وان اختلف أنواع المخالفة والاثم فيسمى إثمه كفرا وإثمك معصية وفسقا واما كونه صلى الله عليه وسلم لم يوجب على أسامة قصاصا ولا دية ولا كفارة فقد يستدل به لاسقاط الجميع ولكن الكفارة واجبة والقصاص ساقط للشبهة فإنه ظنه كافرا وظن أن اظهاره كلمة التوحيد في هذا الحال لا يجعله مسلما وفى وجوب الدية قولان للشافعي وقال بكل واحد منهما بعض من العلماء ويجاب عن عدم ذكر الكفارة بأنها ليست على الفور بل هي على التراخي وتأخير البيان إلى وقت الحاجة جائز على المذهب الصحيح عند أهل الأصول وأما الدية على قول من أوجبها فيحتمل أن أسامة كان في ذلك الوقت معسرا بها فأخرت إلى يساره
(١٠٦)