كنا جلوسا في المسجد، إذا صعد المؤذن المنارة، فقال: الله أكبر الله أكبر، فبكى أمير المؤمنين على بن أبي طالب (عليه السلام)، وبكينا ببكائه، فلما فرغ المؤذن.
قال: أتدرون ما يقول المؤذن؟
قلنا: الله ورسوله ووصيه أعلم، فقال: لو تعلمون ما يقول لضحكتم قليلا، ولبكيتم كثيرا، فلقوله: الله أكبر؛ معان كثيرة:
منها: أن قول المؤذن: الله أكبر، يقع على قدمه، وأزليته، وأبديته، وعلمه، وقوته، وقدرته، وحلمه، وكرمه، وجوده، وعطائه، وكبريائه.
فإذا قال المؤذن: الله أكبر، فإنه يقول: الله الذي له الخلق والأمر، وبمشيته كان الخلق، ومنه كان كل شيء للخلق، وإليه يرجع الخلق، وهو الأول قبل كل شيء لم يزل، والآخر بعد كل شيء لا يزال، والظاهر فوق كل شيء لا يدرك، والباطن دون كل شيء لا يحد، فهو الباقي، وكل شيء دونه فان.
والمعنى الثاني: الله أكبر، أي العليم الخبير، علم ما كان وما يكون قبل أن يكون.
والثالث: الله أكبر: أي القادر على كل شيء، يقدر على ما يشاء، القوى لقدرته، المقتدر على خلقه، القوى لذاته، قدرته قائمة على الأشياء كلها، إذا قضى أمرا فإنما يقول له: كن، فيكون.
والرابع: الله أكبر على معنى حلمه، وكرمه، يحلم كأنه لا يعلم، ويصفح كأنه لا يرى، ويستر كأنه لا يعصى، لا يعجل بالعقوبة كرما، وصفحا، وحلما.
والوجه الآخر في معنى الله أكبر: أي الجواد، جزيل العطاء، كريم الفعال.
والوجه الآخر: الله أكبر فيه نفي كيفيته، كأنه يقول: الله أجل من أن يدرك الواصفون قدر صفته، التي هو موصوف بها، وإنما يصفه الواصفون على قدرهم، لا